وهكذا نلاحظ أن المقطع المرتبط بإسقاط الجنين مرتبط تماما في نفس كلام النظام بواقعة التهديد بإحراق الدار. تجدر الإشارة إلى أن السيد عبد الحسين شرف الدين أقر بوجود السقط محسن في كتابه المراجعات فقد كتب في المراجعة 34 ما يلي: (تتبع سيرة النبي صلى الله عليه وآله، تجده يصور عليا وهارون كالفرقدين في السماء، والعينين في الوجه، لا يمتاز أحدهما في أمته عن الاخر بشيء ما. ألا تراه كيف أبى أن تكون أسماء بني علي إلا كأسماء بني هارون، فسماهم حسنا وحسينا ومحسنا، وقال: إنما سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر، أراد بهذا تأكيد المشابهة بين الهارونين وتعميم الشبه بينهما في جميع المنازل وسائر الشؤون).
وقال في الهامش تعليقا على الحديث: (فيما أخرجه المحدثون بطرقهم الصحيحة من سنن رسول الله صلى الله عليه وآله، ودونك ص 165 و 168 من الجزء 3 من المستدرك، تجد الحديث صريحا في ذلك، صحيحا على شرط الشيخين. وقد أخرجه الامام أحمد أيضا من حديث علي في ص 98 من الجزء الأول من مسنده. وأخرجه ابن عبد البر في ترجمة الحسن السبط من الاستيعاب، وأخرجه حتى الذهبي في تلخيصه مسلما بصحته مع قبح تعصبه وظهور انحرافه عن هارون هذه الأمة وعن شبرها وشبيرها، وأخرج البغوي في معجمه وعبد الغني في الايضاح، كما في ص 115 من الصواعق المحرقة، عن سلمان نحوه، وكذلك ابن عساكر) (1). ومن المعلوم أن الذين يذهبون إلى وجود المحسن من أهل العامة لا يملكون أي تفسير حول الغموض الذي يكتنف حياته، فهم في المجموع يقرون بأنه مضى سقطا، أما كيف أسقط؟ ولماذا؟ فهذا ما يقفون أمامه بلا جواب جهلا أو تجاهلا، أما عند الشيعة الامامية فإن أمر السقط محسن في غاية الوضوح، ونحن إذا ما ربطنا كلام السيد شرف الدين في المراجعات حول أصل وجود السقط محسن بما ذكره في الفصول المهمة عند استشهاده بكلام النظام فإن حجم الاستفسار والاستغراب يكون كبيرا فيما ينقله (فضل الله) عن السيد عبد الحسين شرف الدين (قدس سره)!!
والخلاصة إن ما نقله (فضل الله) عن السيد شرف الدين يتعارض مع نص كلامه بإخراج أمير المؤمنين عليه السلام من بيته، فإن الاخراج كرها في مثل تلك الحالة يقتضي بطبعه أن يكون عنيفا ومن غير اختيار من المخرج - كما دلت عليه عبارة ابن أبي الحديد أيضا - وهو يلازم بطبيعة الحال دخول البيت، وكذلك فإن ما نقله يتعارض أيضا مع ظاهر كلام السيد شرف الدين (قدس سره) من خلال استشهاده بمصادر الهجوم على بيت فاطمة الزهراء عليها السلام التي تتضمن حدوث ظلم أكبر مما ينسب إلى السيد شرف الدين، وهذا أدعى لاثبات ما نقل عنه بحجة لا تدع أي مجال للشك فيها.