فأنا أرضى وأبايع إذا بايعتم. أما والله يا بني هاشم، إنكم الطوال الشجر الطيب الثمر. ثم إنه بايع أبا بكر، وبلغت أبا بكر فلم يحفل بها، واضطغنها عليه عمر، فلما ولاه أبو بكر الجند الذي استنفر إلى الشام قال له عمر: أتولى خالدا وقد حبس عليك بيعته، وقال لبني هاشم ما قال! وقد جاء بورق من اليمن وعبيد وحبشان ودروع ورماح! ما أرى أن توليه، وما آمن خلافه فانصرف عنه أبو بكر، وولى أبا عبيدة بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنه.
واعلم أن الآثار والاخبار في هذا الباب كثيرة جدا، ومن تأملها وأنصف، علم أنه لم يكن هناك نص صريح ومقطوع به لا تختلجه الشكوك ولا تتطرق إليه الاحتمالات، كما تزعم الامامية فإنهم يقولون إن الرسول ص نص على أمير المؤمنين ع نصا صريحا جليا ليس بنص يوم (1) الغدير، ولا خبر المنزلة (2)، ولا ما شابههما من الأخبار الواردة من طرق العامة وغيرها، بل نص عليه بالخلافة وبإمرة المؤمنين، وأمر المسلمين أن يسلموا عليه بذلك، فسلموا عليه بها، وصرح لهم في كثير من المقامات بأنه خليفة عليهم من بعده، وأمرهم بالسمع والطاعة له. ولا ريب أن المنصف إذا سمع ما جرى لهم بعد وفاة رسول الله ص، يعلم قطعا أنه لم يكن هذا النص، ولكن قد سبق إلى النفوس والعقول أنه قد كان هناك تعريض وتلويح، وكناية وقول غير صريح، وحكم غير مبتوت، ولعله ص كان يصده عن التصريح بذلك أمر يعلمه، ومصلحة يراعيها، أو وقوف، مع إذن الله تعالى في ذلك.
فأما امتناع على ع من البيعة حتى أخرج على الوجه الذي اخرج عليه فقد