في حديث السقيفة من الجزء الثاني من العقد الفريد، وابن قتيبة في أوائل كتاب الإمامة والسياسة وابن الشحنة حيث ذكر بيعة السقيفة في كتابه (روضة المناضر)، وأبي الفداء حيث أتى على أخبار أبي بكر وخلافته في تاريخه الموسوم بالمختصر في أخبار البشر، ونقله المسعودي في مروج الذهب عن عروة بن الزبير في مقام الاعتذار عن أخيه عبد الله إذ هم بتحريق بيوت بني هاشم عليهم حين تخلفوا عن بيعته، ورواه الشهرستاني عن النظام عند ذكره للفرقة النظامية في كتابه الملل والنحل، وأورده ابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي في أوائل الجزء السادس من شرح النهج، ونقله العلامة في نهج الصدق عن كتاب المحاسن وأنفاس الجواهر وغرر ابن خيزرانة وغيرها من الكتب المعتبرة، وأفرد أبو مخنف لبيعة السقيفة كتابا على حدة فيه تفصيل ما أجملناه من تخلف علي عن البيعة وعدم إقراره بالطاعة) انتهى كلامه.
والمصادر التي استند إليها السيد شرف الدين لاثبات مدعاه تختلف في مداليلها، فبعضها يشير إلى مجرد التهديد كما هو مفاد تاريخ الطبري وتاريخ أبي الفداء والعقد الفريد لابن عبد ربه، أما مفاد بعضها الاخر فيفيد الاخراج قسرا وإجبارا كما هو صريح عبارة شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي وظاهر كلام الإمامة والسياسة لابن قتيبة. وقد مر ذلك عند تعرضنا لمسألة دخول بيت الزهراء عليها السلام، ولكن لننظر إلى ما استشهد به السيد شرف الدين مما رواه الشهرستاني، وإليك نص كلام الشهرستاني حسب ما جاء في كتابه عند تعرضه للفرقة الثالثة من فرق المعتزلة المسماة بالنظامية: (أصحاب إبراهيم بن سيار بن هانئ النظام، وقد طالع كثيرا من كتب الفلاسفة وخلط كلامهم بكلام المعتزلة، وانفرد عن أصحابه بمسائل:... الحادية عشرة: ميله إلى الرفض ووقيعته في كبار الصحابة، قال: أولا لا إمامة إلا بالنص والتعيين ظاهرا مكشوفا، وقد نص النبي عليه الصلاة والسلام على علي رضي الله عنه في مواضع، وأظهره إظهارا لم يشتبه على الجماعة، إلا أن عمر كتم ذلك، وهو الذي تولى بيعة أبي بكر يوم السقيفة، ونسبه إلى الشك يوم الحديبية في سؤاله الرسول عليه السلام حين قال: ألسنا على الحق؟ أليسوا على الباطل؟ قال: نعم، قال عمر: فلم نعطي الدنية في ديننا؟ قال: هذا شك وتردد في الدين ووجدان حرج في النفس مما قضى وحكم، وزاد في الفرية فقال: إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها، وكان يصيح أحرقوا دارها بمن فيها، وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين، وقال: تغريبه نصر بن الحجاج من المدينة إلى البصرة، وإبداعه التراويح، ونهيه عن متعة الحج، ومصادرته العمال، كل ذلك أحداث) (1).