ليس على نحو أن ينفي أي واحد منهما صدور القتل عمن يدعيه الاخر، فإنهما يكونان جميعا على حق في دعواهما رغم حصول الشجار بينهما، وإن كانت الحقيقة الكاملة هي في كون قتل زيد متسببا منهما كليهما.
أما مسألة تحاكم الملائكة إلى أمير المؤمنين عليه السلام فلا مانع منه وقد علمه رسول الله صلى الله عليه وآله ألف باب من أبواب العلم يفتح من كل باب ألف باب، بل إن في بعض الروايات ما يدل على أن الملائكة تتحاكم إلى من هو دون أمير المؤمنين عليه السلام في الفضل بدرجة لا يصح معها القياس كأصحاب الامام المهدي القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فقد روى المحدث الطبري الامامي عن أبي الحسين محمد بن هارون بن موسى، عن أبيه، عن أبي علي محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر بن محمد الحميري، عن محمد بن فضيل، عن الامام أبي الحسن الرضا عليه السلام حيث قال: (إذا قام القائم يأمر الله الملائكة بالسلام على المؤمنين والجلوس معهم في مجالسهم فإذا أراد واحد حاجة أرسل القائم من بعض الملائكة أن يحمله الملك حتى يأتي القائم فيقضي حاجته ثم يرده. ومن المؤمنين من يسير في السحاب، ومنهم من يطير مع الملائكة، ومنهم من يمشي مع الملائكة مشيا، ومنهم من يسبق الملائكة، ومنهم من تتحاكم الملائكة إليه، والمؤمنون أكرم على الله من الملائكة، ومنهم من يصيره القائم قاضيا بين مائة ألف من الملائكة) (1). وفي اعتبار السند اختلاف، فقد ذهب السيد الخوئي إلى أن محمد بن هارون بن موسى ومحمد بن الفضيل مهملان بينما ذه بالعلامة المامقاني إلى توثيقهما.
خامسا: وبعد رد المؤلف لهذه الرواية رتب على ذلك القول ببطلان الولاية التكوينية للأئمة عليهم السلام لما توهمه من بطلان مقدماتها!
وقد خلط - كما هي عادته في مواضع عديدة من الكتاب يحتاج شرحها إلى كتاب مستقل - بين التفويض الباطل وبين القول بالولاية التكوينية التي ذهب إليها الكثير من كبار علمائنا كالامام الخميني الذي قال:
(لا يلزم من إثبات الولاية والحكومة للامام عليه السلام ألا يكون لديه مقام معنوي، إذ للامام مقامات معنوية مستقلة عن وظيفة الحكومة، وهي مقام الخلافة الكلية الإلهية التي ورد ذكرها على لسان الأئمة عليهم السلام أحيانا، والتي تكون بموجبها جميع ذرات الوجود خاضعة أمام (ولي الامر). من ضروريات مذهبنا أنه لا يصل أحد إلى مراتب الأئمة المعنوية حتى الملك المقرب والنبي المرسل، وفي الأساس فإن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام - وبحسب رواياتنا - كانوا أنوارا في ظل العرش قبل هذا العالم، وهم يتميزون في انعقاد النطفة والطينة، ولهم من المقامات إلى ما شاء الله) (2).