فيه علم ما يكون (1)، ويمكن المناقشة في المتن بالقول: إن المفروض في الملك إنه جاء يحدثها ويسلي غمها ليدخل عليها السرور، فكيف تشكو ذلك إلى أمير المؤمنين؟ مما يدل على أنها كانت متضايقة من ذلك، كما إن الظاهر منه إن الامام كان لا يعلم به، وإن المسألة كانت سماع صوت الملك لا رؤيته. وفي رواية أبي عبيدة: (... وكان جبرائيل يأتيها، فيحسن عزاءها على أبيها، ويطيب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي يكتب ذلك. فهذا مصحف فاطمة) (2). ولا مانع من أن يكون ذلك الملك هو جبرائيل، ولكنه ظاهر في اختصاص العلم بما يكون في ذريتها فقط... بينما الرواية الأخرى تتحدث عن الأعم من ذلك، حتى انها تتحدث عن ظهور الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة، وهو ما قرأه الامام في مصحف فاطمة. وهناك رواية الحسين بن أبي العلاء عن الامام الصادق وجاء فيها:
(... ومصحف فاطمة وما أزعم أن فيه قرآنا وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد، حتى إن فيه الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة وربع الجلدة وأرش الخدش) (3)، والظاهر من هذه الرواية إن المصحف يشتمل على الحلال والحرام. وقد ورد في حديث حبيب الخثعمي أنه قال: (كتب أبو جعفر المنصور إلى محمد بن خالد، وكان عامله على المدينة أن يسأل أهل المدينة عن الخمس في الزكاة من المائتين كيف صارت وزن سبعة، ولم يكن هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأمره أن يسأل - فيمن يسأل - عبد الله بن الحسن وجعفر بن محمد. قال: فسأل أهل المدينة، فقالوا: أدركنا من كان قبلنا على هذا، فبعث إلى عبد الله بن الحسن وجعفر بن محمد فسأل عبد الله بن الحسن، فقال كما قال المستفتون من أهل المدينة، فقال: ما تقول يا أبا عبد الله؟ فقال: إن رسول الله جعل في كل أربعين أوقية أوقية، فإذا حسبت ذلك كان وزن سبعة، وقد كانت على وزن ستة، كانت الدراهم خمسة دوانق. قال حبيب: فحسبنا فوجدناه كما قال. فأقبل عليه عبد الله بن الحسن فقال: من أين أخذت هذا؟ قال: قرأت في كتاب أمك فاطمة، قال: ثم انصرف، فبعث إليه محمد بن خالد: ابعث إلي بكتاب فاطمة، فأرسل إليه أبو عبد الله: إني إنما أخبرتك أني قرأته، ولم أخبرك إنه عندي، قال حبيب: فجعل يقول محمد بن خالد: يقول لي: ما رأيت مثل هذا قط) (4).
وظاهر هذا الحديث إن كتاب فاطمة - وهو مصحف فاطمة - يشتمل على الحلال والحرام. وهناك رواية أخرى في الكافي، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام إنه قال في حديث: (وليخرجوا مصحف فاطمة عليها السلام فإن فيه وصية فاطمة عليها السلام) (5).