وهكذا نجد إن هناك روايتين تقولان إنه بخط علي عليه السلام عما يحدثه الملك للزهراء عليها السلام، ولكن الروايات الأخرى لا تدل على ذلك، وهي المشتملة على الحلال والحرام ووصية فاطمة، فلابد من الترجيح بينها. أما رواية حماد بن عثمان، فهي ضعيفة بعمر بن عبد العزيز، أبي حفص المعروف بزحل، يقول الفضل بن شاذان. زحل يروي المناكير وليس بغال، وعن جش مخلط، وعن الخلاصة: عربي مصري مخلط.
وأما رواية أبي عبيدة - الظاهر إنه المدايني - لم يوثق.
ولكن رواية الحسين بن أبي العلاء صحيحة، وأما رواية الحبيب الخثعمي، وسليمان بن خالد، فهما ضعيفتان - على الظاهر - ولكن مبنانا في صحة الخبر هو حجية الخبر الموثوق به نوعا، ويكفي في الوثوق عدم وجود ما يدعو إلى الكذب فيه. وعلى ضوء هذا فإن نسبة الكتاب إلى فاطمة عليها السلام يدل على أنها صاحبة الكتاب، كما إن نسبة الكتاب إلى علي عليه السلام - في ما ورد من الأئمة عليهم السلام عن كتاب علي - يتبادر منه إن صاحبه علي عليه السلام. وخلاصة ذلك إنه لا مانع من القول إنها أول مؤلفة في الاسلام، كما إن عليا عليه السلام أول مؤلف في الاسلام، بالإضافة إلى عظمتها الروحية وعصمتها الثابتة بآية التطهير، وبأنها سيدة نساء العالمين وإن حياتها المعصومة من الخطأ والمعصية تؤكد ذلك).
وقال في العدد 19 من نشرة (فكر وثقافة) بتاريخ 2 / 11 / 1996 م: (وهكذا كانت المسلمة التي تنطلق من أجل أن تترك للاسلام كتابا سمى ب (مصحف فاطمة) وهو ليس قرآنا كما توحي كلمة المصحف في المصطلح، وإنما هي صحف لا يعتقد أحد من المسلمين بأنه قرآن آخر، بل هو كتاب كتبته فاطمة كما في بعض الروايات، كما أن هناك كتابا كتبه علي...). وقال في العدد 57 من نشرة (فكر وثقافة) بتاريخ 13 / 9 / 1997 م: (وقد اختلف الناس فيما يشتمل عليه مصحف الزهراء بين قائل أنه يشتمل على وصيتها مع بعض الاحكام الشرعية، وبين قائل أنها تشتمل على بعض الغيبيات وما إلى ذلك. وعلى أية حال فإنه ليس موجودا في أي مكان في العالم، ولذلك فإن الجدل فيما يتضمنه وماذا يحويه ليس له أي ثمرة، لأنه ليس موجودا حتى نختلف فيه، وإنما نأخذ منه ما حدثنا أهل البيت عليهم السلام عنه، كما نأخذ من كتاب علي عليه السلام - وهو ليس بين أيدينا - ما حدثنا الأئمة عنه. وهكذا بالنسبة إلى (الجامعة) وإلى (الجفر) مما أثر عن أهل البيت أنها مصادرهم).
وقبل الدخول في المباحث المتعلقة بمصحف فاطمة لابد أن نسجل ملاحظة وهي إن تحديد فضل الله الروايات الواردة حول مصحف فاطمة - كما جاء في الشريط المسجل - بكتاب الكافي ليس صحيحا، فقد ورد ذكر مصحف فاطمة أيضا في كتاب بصائر الدرجات ودلائل الإمامة وعلل الشرائع والارشاد وغيرها.
* * *