أما قول الخواجوئي بأن طرح أحد الروايتين ليس بأولى من طرح الاخر ففيه أن الظاهر ان وجه عدم المعارضة ولزوم الطرح في كلام البهائي يعود إلى أن التعارض لا يتحقق إلا مع تمامية جهة الصدور بالإضافة إلى صحة السند وتمامية الدلالة، ومن المسلم به أن جهة الصدور غير تامة فاحتمال صدورها تقية قوي.
بالإضافة إلى أنه يمكن أن يقال على فرض تحقق التعارض أن حديث زرارة يطرح من جهة أن رواية علي بن جعفر قد تحققت فيها الشهرة الروائية باعتضادها بروايتي الفقيه والعلل - بالإضافة إلى ما أثبتناه من روايات أخرى - والشهرة الروائية تعد من المرجحات في هذا الباب.
ثم إن مراد الخواجوئي من تنظره في الاعتضاد بروايتي الفقيه والعلل على فرض صحة سندهما هو أن مفاد رواية علي بن جعفر عام حيث أنه يفيد أن بنات الأنبياء لا يطمثن، ومفاد روايتي الفقيه والعلل خاص حيث أنه يفيد أن فاطمة عليها السلام بالخصوص لا ترى الدم، ولا يمكن للمفاد الخاص أن يعضد المفاد العام، بل يمكنه أن يعضد المفاد الخاص، وهو مفقود حسب الفرض، إذ لا توجد رواية صحيحة تدل على عدم رؤية الزهراء عليها السلام للدم.
ويرد عليه أن المفاد الخاص موجود بسند صحيح كما ذكرناه في الحديث السادس من الروايات المثبتة لطهارة الزهراء عليها السلام بل الحديث السابع أيضا، على أنه لو فرضنا عدم وجود الحديث الخاص الصحيح فإن الاعتراض مع ذلك غير وارد، لان مقصود البهائي هو إرادة المفاد الخاص من الحديث وإن كان لسان الحديث عاما، فالزهراء عليها السلام هي أحد مصاديق هذا العموم، ومحط نظر البهائي وموضع البحث هو في خصوص طهارتها دون سواها.
بل إنه لو قيل بأن مفاد (وإن بنات الأنبياء لا يطمثن) غير معلوم العموم والشمول - لما سيرد عليه من شبهات سنذكرها لاحقا - فإنه يجاب عنه بأن هنا قدرا متيقنا منه وهو إرادة خصوص الزهراء عليها السلام وإلا لم تكن مناسبة في المقام كما أسلفنا.
أما قول الخواجوئي بأن احتمال إرادة تعليم الزهراء عليها السلام للنساء مجرد احتمال عقلي فليس بصحيح لان سياق العبارة لا يدل على أنها كانت مأمورة بالقضاء مثل بقية النساء كما هو المدعى.
فإن توجه الامر إلى شخص لا يعني أنه عمله وتكليفه والمطلوب منه، والعلامة الخواجوئي حصل له هذا التوهم لملاحظته كل فقرة عل حدة من دون ملاحظة المعنى العام من مجموع العبارتين، ويؤيد إرادة التعليم ما نقلناه عن الحسن بن زين الدين في منتقى الجمان وكذلك ما تشعر به عبارة (وكان يأمر بذلك فاطمة وكانت تأمر بذلك المؤمنات) بل ما يظهر منها كما قاله السيد الخوئي من أن أمر النبي صلى الله عليه وآله لابنته كان متكررا ولم يكن مرة واحدة، وهي باعتبارها معصومة ومتربية في بيت النبوة تعلم