مريم، فقالت: رب إني وضعتها أنثى، والأنثى لا تكون رسولا، وقال لها عمران، إنه ذكر يكون منها نبيا، فلما رأت ذلك قالت ما قالت، فقال الله وقوله الحق (والله أعلم بما وضعت)، فقال أبو جعفر عليه السلام: فكان ذلك عيسى بن مريم، فإن قلنا لكم إن الامر يكون في أحدنا فكان في ابنه وابن ابنه وابن ابن ابنه فقد كان فيه، فلا تنكروا ذلك) (1).
ب - وجه التفاوت هو عدم صلاحية المرأة للخدمة:
ويظهر من بعض الروايات أن الأنثى لا تتمكن من خدمة الرجال في المسجد بعد بلوغها لمنافاته مع الستر والعفة، كما في رواية حريز عن أحدهما عليهما السلام قال: (نذرت ما في بطنها للكنيسة أن تخدم العباد، وليس الذكر كالأنثى في الخدمة، قال: فشبت فكانت تخدمهم وتناولهم حتى بلغت، فأمر زكريا أن يتخذ لها حجابا دون العباد، فكان يدخل عليها...) (2).
وقال القمي في تفسيره: (فلما بلغت مريم صارت في المحراب، وأرخت على نفسها سترا وكان لا يراها أحد، وكان يدخل عليها زكريا المحراب...) (3).
وذهب بعض المفسرين أن وجه التفاوت يعود إلى هذا الوجه ورؤية الأنثى للدم، قال الشيخ الطوسي: (وقوله (وليس الذكر كالأنثى) اعتذار بأن الأنثى لا تصلح لما يصلح له الذكر، وإنما كان يجوز لهم التحرير لخدمة المسجد المقدس، لما يلحقها من الحيض والنفاس، والصيانة عن التبرج من الناس) (4).
ومع وجود الاختلاف الوارد في تفسير الآية مع صحة سند بعض الوجوه الأخرى كعدم صلاحية المرأة للرسالة، وبناء على ضعف سند رواية إسماعيل الجعفي بالمعلى بن محمد البصري على رأي المشهور فإنه لا يوجد أي دليل معتبر على رؤية مريم عليها السلام للطمث، وبالتالي ترتفع الشبهة الأولى من الأساس. ولذا نجد أن بعض علماء الامامية ذهبوا إلى طهارة مريم عليها السلام كالطبرسي في تفسير قوله تعالى، (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) حيث قال: (... (وطهرك) من الأدناس والأقذار العارضة للنساء مثل الحيض والنفاس) (5).
وكلام الطبرسي وإن كان مخالفا لما ذكره في تفسيره مجمع البيان الذي يظهر منه رؤية مريم عليها السلام للدم إلا إن تفسيره جوامع الجامع من أواخر الكتب التي ألفها في حياته، وقد نص في مقدمته أنه ألفه بعد الفراغ من تأليف تفسير مجمع البيان (6)،