الدين أبى عبد الله محمد بن جابر صاحب الرحلتين وسمعت عليه كتاب مسلم بن الحجاج وسمعت عليه كتاب الموطأ من أوله إلى آخره وبعضا من الأمهات الخمس وناولني كتبا كثيرة في العربية والفقه وأجازني إجازة عامة وأخبرني عن مشايخه المذكورين أشهرهم بتونس قاضي الجماعة أبو العباس أحمد بن الغماز الخزرجي وأخذت الفقه بتونس عن جماعة منهم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحياني وأبو القاسم محمد القصير قرأت عليه كتاب التهذيب لابي سعيد البرادعي مختصر المدونة وكتاب المالكية وتفقهت عليه وكنت في خلال ذلك انتاب مجلس شيخنا الامام قاضي الجماعة أبى عبد الله محمد بن عبد السلام مع أخي عمر رحمة الله عليهما وأفدت منه وسمعت عليه أثناء ذلك كتاب الموطأ للامام مالك وكانت له طرق عالية عن أبي محمد بن هارون الطائي قبل اختلاطه إلى غير هؤلاء من مشيخة تونس وكلهم سمعت عليه وكتب لي وأجازني ثم درجوا كلهم في الطاعون الجارف وكان قدم علينا في جملة السلطان أبى الحسن عند ما ملك إفريقية سنة ثمان وأربعين جماعة من أهل العلم كان يلزمهم شهود مجلسه ويتجمل بمكانهم فيه فمنهم شيخ الفتيا بالمغرب وامام مذهب مالك أبو عبد الله محمد بن سليمان السطي فكنت انتاب مجلسه وأفدت عليه ومنهم كاتب السلطان أبى الحسن وصاحب علامته التي توضع أسفل مكتوباته امام المحدثين أبو محمد عبد المهيمن الحضرمي لازمته وأخذت عنه سماعا وإجازة الأمهات وكتاب الموطأ والسير لابن اسحق وكتاب ابن الصلاح في الحديث وكتبا كثيرة سرت عن حفظي وكانت بضاعته في الحديث والفقه والعربية والأدب والمعقول وسائر الفنون مضبوطة كلها مقابلة ولا يخلو ديوان منها عن ضبط بخط بعض شيوخه المعروفين في سنده إلى مؤلفة حتى الفقه والعربية الغريبة الاسناد إلى مؤلفها في هذه العصور ومنهم الشيخ أبو العباس أحمد الزواوي امام المغرب قرأت عليه القرآن العظيم بالجمع الكبير بين القراءات السبع من طريق أبى عمر والداني وابن شريح لم أكملها وسمعت عليه عدة كتب وأجازني بالإجارة العامة ومنهم شيخ العلوم العقلية أبو عبد الله محمد ابن إبراهيم الأيلي أصله من تلمسان وبها نشأ وقرأ كتب التعليم وصدق فيه وصله الحصار الكبير بتلمسان أعوام المائة السابعة فخرج منها وحج ولقى اعلام المشرق يومئذ فلم يأخذ عنهم لأنه كان مختلطا بعارض عرض في عقله ثم رجع من المشرق وأفاق وقرأ المنطق والأصلين على الشيخ أبى موسى عيسى ابن الإمام وكان قرأ بتونس مع أخيه أبى زيد عبد الرحمن على تلميذ أبى زيتون الشهير الذكر وجاءا إلى تلمسان بعلم كثير من المنقول والمعقول فقرأ الأيلي على أبي موسى منهما كما قلناه ثم خرج من تلمسان هاربا
(٣٨٥)