{الخبر عن دولة السلطان أبى حمو الأخير مديل الدولة بتلمسان في الكرة الثالثة لقومه وشرح ما كان فيها من الاحداث لهذا العهد} كان يوسف بن عبد الرحمن هذا في إيالة أخيه السلطان أبى سعيد بتلمسان هو وأخوه أبو حمو موسى وكان متكاسلا عن طلب الظهور متجافيا عن التهالك في طلب العز جانحا إلى السكون ومذاهب أهل الخير حتى إذا عصفت بدولتهم رياح بنى مرين وتغلب السلطان أبو عنان عليهم وابتزهم ما كان بيدهم من الملك وخلص ابنه أبو حمو موسى مع عمه أبى ثابت إلى الشرق وقذفت النوى بيوسف مع أشراف قومه إلى المغرب فاستقربه ولما تقبض على أبي ثابت على وطن بجاية أغفل أمر أبى حمو من بينهم ونبت عنه العيون فنجا إلى تونس ونزل بها على الحاجب أبى محمد تافراكين فأكرم نزله وأحله بمكان أعياص الملك من مجلس سلطانه ووفر جرايته ونظم معه آخرين من فل قومه وأوعز السلطان أبو عنان إليه بازعاجهم عن قرارهم في دولته فحمى لها انفه وأبى عن الهضيمة لسلطانه فأغرى ذلك أبا عنان بمطالبته وكانت حركته إلى بلاد إفريقية ومنابذة العرب من رياح وسليم لعهده ونقضهم لطاعته كما نستوفي أخباره ولما كانت سنة تسع وخمسين قبل مهلكه اجتمع أمر الزواودة من رياح إلى الحاجب أبى محمد بن تافراكين ورغبوه في لحاق أبى حمو موسى بن يوسف بالعرب من زغبة وانهم ركابه لذلك ليجلب على نواحي تلمسان ويجعل السلطان أبى عنان شغلا عنهم وسألوه أن يجهز عليه بعض آلة السلطان ووافق ذلك رغبة صغير بن عامر أمير زغبة في هذا الشأن وكان يومئذ في أحياء يعقوب بن علي وجواره فأصلح الموحدون شأنه بما قدروا عليه ودفعوه إلى مصاحبة صغير وقومه من بنى عامر وارتحل معهم من الزواودة عثمان بن سباع ومن احلافهم بنو سعيد دعار بن عيسى بن رحاب وقومه ونهضوا بجموعهم يريدون تلمسان وأخذوا على القفر ولقيهم أثناء طريقهم الخبر عن مهلك السلطان أبى عنان فقويت عزائمهم على ارتجاع ملكهم ورجع عنهم صولة بن يعقوب وأغذ السير إلى تلمسان وبها الكتائب المجمهرة من بنى مرين واتصل خبر أبي حمو بالوزير الحسن بن عمر القائم بالدولة من بعد مهلك السلطان أبى عنان والمتغلب على ولده السعيد من بعده فجهز المدد إلى تلمسان من الحامية والأموال ونهض أولياء الدولة من أولاد عريف بن يحيى أمراء البدو من المغرب في قومهم من سويد ومن إليهم من العرب لموافقة السلطان أبي حمو وأشياعه فانفض جمعهم وغلبوا على تلك المواطن واحتل السلطان أبو حمو وجموعه بساحة تلمسان وأناخوا ركابهم عليها ونازلوها ثلاثا ثم اقتحموها في صبيحة الرابع وخرج ابن السلطان أبى عنان الذي كان أميرا عليها في لمة من قومه فنزل على
(١٢٢)