فأجابهم السلطان إليه ونزلوا عن البلد وأقيمت فيها شعائر الاسلام ومراسمه ومحيت منها كلمة الكفر وطواغيته وكتب الله أجرها لمن أخلص في معاملته وكان ذلك سنة سبعين وولى ابن الأحمر عليها من قبله ولم تزل لنظره إلى أن تمحض النطر عن هدمها خشية استيلاء النصرانية عليها فهدمت أعوام ثمانين وأصبحت خاوية كان لم تغن بالأمس والبقاء الله {الخبر عن حركة السلطان إلى تلمسان واستيلائه عليها وعلى سائر بلادها وفرار أبى حمو عنها} كان عرب المعقل موطنين بصحراء المغرب من لدن السوس ودرعة وتافيلالت وملوية وصاو كان بنو منصور منهم أولاد حسين والاحلاف مختصين بطاعة بنى مرين وفى وطنهم وكانوا مغلوبين للدولة تحت قهر من كان سلطانها ولما ارتجع بنو عبد الواد ملكهم بتلمسان على يد أبى حمو وكان الاحلاف بالمغرب عاث هؤلاء المعقل وأكثروا في الوطن الفساد ولما استقالت الدولة من عثارها تحيزوا إلى بنى عبد الواد وأقطعوهم في أوطانهم واستقروا هنالك من لدن نزوع عبد الله بن مسلم العامل بدرعة إلى أبي حمو ووزارته له وفسد ما بين سلطان المغرب وأبى حمو من جراء ذلك ونهض أبو حمو سنة ست وستين إلى المغرب وعاث في نواحي دبروا ثغر المغرب فنشأت لذلك نار العداوة بينه وبين صاحب الثغر محمد بن زاكراز مكان داعيه يعدو صاحب المغرب به على الأيام ولما استبد السلطان عبد العزيز وهلك صاحبهم عبد الله بن مسلم وترددت الرسل بين أبى حمو وبين السلطان عبد العزيز كان فيما اشترط عليه التجا في عن قبول عرب المعقل عرب وطنه لما فيه من الاستكثار بهم عليه وأبى عليهم أبو حمو منها لاستظهاره بهم على رغبة من أهل وطنه وغيرهم وكثر التلاحي في ذلك وأحفظ السلطان وهم بالنهوض إليه سنة سبعين وأقصر لما أخذ بحجزته من خلاف عامر وصاحب الثغر محمد بن زكراز أثناء ذلك يحرضه على الحركة إلى أبي حمو ويرغبه في ملك تلمسان ولما قضى السلطان حركة مراكش وفرغ من شأن عامر ورجع إلى فاس ولقى بها أبو بكر بن عريف أمير سويد في قومه من بنى مالك بحللهم وناجعتهم صريخا على أبي حمو لما نال منهم وتقبض على أخيهم محمد رؤساء بنى مالك جزاء بما يعرف لهم ولسلفهم من ولاية صاحب المغرب ووفد عليه رسل أهل الجزائر ببيعتهم يستحثون السلطان لاستنقاذهم من لهواته وأمر السلطان بذلك وليه وترمار ومحمد بن زكراز صاحب دبروا فزعموا له بالغناء في ذلك واعتزم على النهوض إلى تلمسان وبعث الحاشدين إلى مراكش للاحتشاد وتوافى الناس به على طبقاتهم أيام منى من سنة احدى وسبعين وأفاض العطاء وأزاح العلل ولما قضى
(٣٢٨)