بعد وداخل السلطان أبا تاشفين بعض أهل بجاية ودلوه على عورتها واستقدموه فنهض إليها وحذر بذلك الحاجب ابن سيد الناس فسابقه إليها ودخل يوم نزوله عليها وقتل من اتهم بالمداخلة فانحسم الداء وأقلع السلطان أبو تاشفين عنها وولى عيسى بن مزروع من مشيخة بنى عبد الواد على الجيش الذي بتامزيزدكت وأوعز إليه ببناء حصن أقرب إلى بجاية من تامزيزدكت فبناه بالياقوتة من أعلى واد قبالة بجاية فأخذ بمخنقها واشتد الحصار إلى أن أخذ السلطان أبو الحسن بحجزتهم فأجفلوا جميعا إلى تلمسان ونفس مخنق الحصار عن بجاية ونهض مولانا السلطان أبو يحيى بجيوشه من تونس إلى تامزيزدكت سنة ثنتين وثلاثين فخربها في ساعة من نهار كان لم تغن بالأمس حسبما ذكرنا ذلك في أخباره والله تعالى أعلم {الخبر عن معاودة الفتنة بين بنى مرين وحصارهم تلمسان ومقتل السلطان أبى تاشفين ومصائر ذلك} كان السلطان أبو تاشفين قد عقد السلم الأول دولته مع السلطان أبى سعيد ملك المغرب فلما انتقض عليه ابنه أبو على سنة ثنتين وعشرين بعد المهادنة الطويلة من لدن استبداده بسجلماسة بعث ابنه القعقاع إلى أبي تاشفين في الاخذ بحجزة أبيه عنه ونهض هو إلى مراكش فدخلها وزحف إليه السلطان أبو سعيد فبعث أبو تاشفين قائده موسى ابن علي في العساكر إلى نواحي تازى فاستباح عمل كارث واكتسح زروعه وقفل واعتدها عليه السلطان أبو سعيد وبعث أبو تاشفين وزيره داود بن علي بن مكن رسولا إلى السلطان أبى على بسجلماسة فرجع عنه مغاضبا وجنح أبو تاشفين بعدها إلى التمسك بسلم السلطان أبى سعيد فعقد لهم ذلك وأقاموا عليها مدة فلما نفر ابن مولانا السلطان أبى يحيى على السلطان أبى سعيد ملك المغرب وانعقد الصهر بينهم كما ذكرناه في أخبارهم وهلك السلطان أبو سعيد نهض السلطان أبو الحسن إلى تلمسان بعد أن قدم رسله إلى السلطان أبى تاشفين في أن يقلع بجيوشه عن حصار بجاية ويتجافى للموحدين عن عمل تنس فأبى وأساء الرد وأسمع الرسل بمجلسه هجر القول وأفزع لهم الموالى في الشتم لمرسلهم بمسمع من أبى تاشفين فأحفظ ذلك السلطان أبو الحسن ونهض في جيوشه سنة ثنتين وثلاثين إلى تلمسان فتخطاها إلى تاسالت وضرب بها معسكره وأطال المقام وبعث المدد إلى بجاية مع الحسن البطوي من صنائعه وركبوا في أساطيله من سواحل وهران ووافاهم مولانا السلطان أبو يحيى ببجاية وقد جمع لحرب بنى عبد الواد وهدم تامز يزدكت وجاء لموعد السلطان أبى الحسن معه أن يجتمعا بعساكرهما لحصار تلمسان فنهض من بجاية إلى تامزيزدكت وقد أجفل منها عساكر بنى عبد الواد
(١٠٩)