بعض أهل الجبل من صناكة في الثورة بهم وسرب إليهم المال فثاروا بهم وانفض جمعهم وتقبض على الحسن بن عمر وقاده برمته إلى عسكر السلطان فاعتقله الوزير وانكفأ راجعا إلى الحضرة وقدم بها على السلطان في يوم مشهود استركب السلطان فيه العسكر وجلس ببرج الذهب مقعده من ساحة البلد لاعتراض عساكره وحمل السلطان الحسن بن عمر على جمل طيف به بين أهل ذلك المحشر وقرب إلى مجلس السلطان فأومأ إلى تقبيل الأرض فوق جمله وركب السلطان إلى قصره وانفض الجمع وقد شهروا وصاروا عبرة من عبر الدنيا ودخل السلطان قصره فاقتعد أريكته واستدعى خاصته وجلساءه وأحضره فوبخه وقرر عليه مرتكبه فتلوى بالمعاذير وفزع إلى الاتكار وحضرت هذا المجلس يومئذ فيمن حضره من العلية والخاصة فكان مقاما تسيل فيه العيون رحمة وعبرة ثم أمر به السلطان فسحب على وجهه ونتفت لحيته وضرب بالعصى وتل إلى محبسه وقتل لليال من اعتقاله قعصا بالرماح بساحة البلد ونصب شلوه بسور البلد عند باب المحروق وأصبح مثلا في الآخرين * (الخبر عن وفد السودان وهديتهم واغرابهم فيها بالزرافة) * كان السلطان أبو الحسن لما أهدى إلى ملك السودان منسا سليمان بن منسا موسى هديته المذكورة في خبره اعتمل في مكافأته وجمع لمهاداته من طرف أرضه وغرائب بلاده وهلك السلطان أبو الحسن خلال ذلك ووصلت الهدية إلى أقصى ثغورهم من الارس وهلك منسا سليمان قبل فصولها واختلف أهل مالي وافترق أمرهم وتواثب ملوكهم على الامر وقتل بعضهم بعضا وشغلوا بالفتنة حتى قام فيهم منسا زاطة واستوسق له أمرهم ونظر في اعطاف ملكه وأخبر بشأن الهدية واختزانها بوالات فأمر بانفاذها إلى ملك المغرب وضم إليها حيوان الزرافة الغريب الشكل العظيم الهيكل المختلف الشبه بالحيوانات وفصلوا بها من بلادهم فوصلوا إلى فاس في صفر من سنة اثنتين وستين وكان يوم وفادتهم يوما مشهودا جلس لهم السلطان ببرج الذهب مجلس العرض ونودي في الناس بالبروز إلى الصحراء فبرزوا ينسلون من كل حدب حتى غص بهم الفضاء وركب بعضهم بعضا في الازدحام على الزرافة اعجابا بخلقتها وأنشد الشعراء في معرض المدح والتهنئة ووصف الحال وحضر الوفد بين يدي السلطان وأدوا رسالتهم بتأكيد الود والمخالصة والعذر عن ابطاء الهدية بما كان من اختلاف أهل مالي وتواثبهم على الامر وتعظيم سلطانهم وما صار إليه والترجمان يترجم عنهم وهم يصدقونه بالنزع في أوتار قسيهم عادة معروفة لهم وحيوا السلطان يحثون التراب على رؤسهم على سنة ملوك العجم ثم ركب السلطان وانفض ذلك الجمع وقد طار به الذكر
(٣١٠)