إلى المغرب لان سلطانها أبا حمو يومئذ من ولد يغمراسن بن زيان كان يكرهه على التصرف في أعماله وضبط الجباية بحسبانه ففر إلى المغرب ولحق بمراكش ولازم العالم الشهير الذكر أبا العباس بن البناء فحصل عنه سائر العلوم العقلية وورث مقامه فيها ثم صعد إلى جبل الهساكرة بعد وفاة الشيخ باستدعاء علي بن محمد بن تروميت ليقرأ عليه فأفاده وبعد أعوام استنزله ملك المغرب السلطان أبو سعيد وأسكنه بالبلد الجديد معه ثم اختصه السلطان أبو الحسن ونظمه في جملة العلماء بمجلسه وهو في خلال ذلك يعلم العلوم العقلية ويبثها بين أهل المغرب حتى حذق فيها الكثير منهم من سائر أمصاره وألحق الأصاغر بالأكابر في تعليمه ولما قدم على تونس في جملة السلطان أبى الحسن لزمته وأخذت عنه العلوم العقلية والمنطق وسائر الفنون الحكمية والتعليمية وكان رحمه الله تعالى يشهد لي بالتبريز في ذلك وممن قدم في جملة السلطان أبى الحسن صاحبنا أبو القاسم عبد الله بن يوسف بن رضوان المالقي كان يكتب عن السلطان ويلازم خدمة أبى محمد عبد الله رئيس الكتاب يومئذ وصاحب العلامة التي توضع عن السلطان أسفل المراسم والمخاطبات وبعضها يضعه السلطان بخطه وكان ابن رضوان هذا من مفاخر المغرب في براعة خطه وكثرة علمه وحسن سمته واجادته في فقه الوثائق والبلاغة في الترسيل عن السلطان وحوك الشعر والخطابة على المنابر لأنه كان كثيرا ما يصلى بالسلطان فلما قدم علينا بتونس صحبته واغتبطت به وإن لم أتخذه شيخا لمقاربة السن فقد أفدت منه كما أفدت منهم وقد مدحه صاحبنا أبو القاسم الرحوي شاعر تونس في قصيدة على روى النون يرغب منه أن يذكره لشيخه أبى محمد عبد المهيمن في ايصال مدحه للسلطان أبى الحسن في قصيدة على روى الياء وقد تقدم ذكرها في أخبار السلطان وذكر في مدح ابن رضوان أعلام العلماء القادمين مع السلطان وهي هذه عرفت زماني حين أنكرت عرفاني * وأيقنت أن لا حظ في كف كيوان وأن لا اختيار في اختيار مقوم * وان لا قراع بالقران لأقران وان نظام الشكل أكمل نظمه * لاضعاف قاض في الدليل برجحان وأن افتقار المرء من فقراته * ومن نقله يغنى اللبيب بأوزان إلى آخرها ثم يقول في ذكر العلماء القادمين هم القوم كل القوم أما حلومهم * فأرسخ من طودي ثبير ونهلان فلا طيش يعلوهم وأما علومهم * فأعلامها تهديك من غير نيران ثم يقول في آخرها
(٣٨٦)