يعقوب بن عبد الحق اثر ذلك سنة خمس وثمانين وقام بالأمر ابنه يوسف بن يعقوب وانتزى الخوارج عليه بكل جهة فشمر لهم واستنزلهم وحسم أدواءهم ثم خرج عليه ابنه آخرا كما ذكرناه بممالاة وزير السلطان محمد بن عطوا ثم فاء إلى طاعة أبيه ورضى عنه وأعاده إلى مكانه من حضرته وطالب عثمان بن يغمراسن كما ذكرناه في ابن عطوا المنتزى عليه مع ابنه فأبى عثمان من تسليمه وتحركت حفيظة السلطان واعتزم على غزوهم فارتحل من مراكش لصفر من سنة سبع وثمانين وعقد عليها لابنه الأمير أبى عبد الرحمن ثم نهض لغزاته من فاس آخر ربيع من سنته في عساكره وجنوده وحشد القبائل وكافة أهل المغرب وسار حتى نزل تلمسان فانحجز عثمان وقومه بها ولاذوا منه بجدرانها فسار في نواحيها ينسف الآثار ويخرب العمران ويحطم الزرع ثم نزل بذراع الصابون بساحتها ثم انتقل منه إلى تامة وحاصرها أربعين يوما وقطع أشجارها وأباد خضراءها ولما امتنعت عليه أفرج عنها وانكفأ راجعا إلى المغرب وقضى نسك الفطر بعين الصفا من بلاد بنى يرناتن ونسك الأضحى وقربانه بتازى وتلبث بها ومنها كان فصوله للغزو عند انتقاض الطاغية كما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن انتقاض الطاغية وإجازة السلطان لغزوه) * لما رجع السلطان من غزو تلمسان وافاه الخبر بأن الطاغية شانجة انتقض ونبذ العهد وتجاوز التخوم وأغار على الثغور فأوعز إلى قائد المسالح علي بن يوسف بن يرناسن بالدخول إلى دار الحرب ومنازلة شريش وشن الغارات على بلاد الطاغية فنهض لذلك في ربيع الآخر من سنة تسعين وجاس خلالها وتوغل في أقطارها وأبلغ في النكاية وفصل السلطان من تازى غازيا على اثره في جمادى واحتل قصر مصمودة واستنفر أهل المغرب وقبائله ونفروا وشرع في اجازتهم البحر وبعث الطاغية أساطيله إلى الزقاق حجرا دون الإجازة فأوعز السلطان إلى قواد أساطيله بالسواحل فأغزاهم والتقت الأساطيل ببحر الزقاق في شعبان فاقتتلوا وانكشف المسلمون ومحصهم الله ثم أغزاهم ثانية وخامت أساطيل العدو عن اللقاء وصاعدوا عن الزقاق وملكته أساطيل السلطان فأجاز أخريات رمضان واحتل بطرين ثم دخل دار الحرب غازيا فنازل حصن بجير ثلاثة أشهر وضيق عليهم وبث السرايا في أرض العدو وردد الغارات على شريش وإشبيلية ونواحيها إلى أن بلغ في النكاية والاثخان وقضى من الجهاد وطرا وزاحمه فصل الشتاء وانقطاع الميرة عن العسكر فأفرج عن الحصن ورجع إلى الجزيرة ثم أجاز إلى المغرب فاتح احدى وتسعين فتظاهر ابن الأحمر والطاغية على منعه كما نذكره ان شاء الله تعالى والله أعلم
(٢١٥)