هجوم العساكر فلم يرعه ذلك عن قصده وارتحل ذاهبا إلى البطحاء ثم قصد بلاد مغراوة فنزل في بني بو سعيد قريبا من شلف وأنزل أولاده الأصاغر وأهله بحصن تاحجمومت وجاء السلطان إلى تلمسان فملكها واستقر فيها أياما ثم هدم أسوارها وقصور الملك بها باغراء وليه وترمار جزاء بما فعله أبو حمو في تخريب قصر تازروت وحصن مرادة ثم خرج من تلمسان في اتباع أبى حمو ونزل على مرحلة منها وبلغه الخبر هنالك بإجازة لسلطان موسى ابن عمه أبى عنان من الأندلس إلى المغرب وانه خالفه إلى دار الملك فانكفأ راجعا وأغذ السير إلى المغرب كما نذكر ورجع أبو حمو إلى تلمسان واستقر في ملكه بها كما ذكرناه في أخباره {إجازة السلطان موسى ابن السلطان أبى عنان من الأندلس إلى المغرب واستيلاؤه على الملك وظفره بابن عمه السلطان أبى العباس وازعاجه إلى الأندلس} قد تقدم أن السلطان محمد بن الأحمر المخلوع كان له تحكم في دولة السلطان أبى العباس بن أبي سالم صاحب المغرب بما كان من إشارته على محمد بن عثمان ببيعته وهو معتقل بطنجة ثم بما أمده من مدد العساكر والأموال حتى أمره واستولى على البلد الجديد كما قدمناه في أول خبره ثم بما كان له من الزبون عليه بالقرابة المرشحين الذين كانوا معتقلين بطنجة مع السلطان أبى العباس من أسباط السلطان أبى الحسن من ولد أبى عنان وأبى سلم والفضل وأبى عامر وأبى عبد الرحمن وغيرهم وكانوا متعاهدين في معتقلهم ان من أتاح الله له الملك منهم يخرجهم من الاعتقال ويجيزهم إلى الأندلس فلما بويع السلطان أبو العباس وفى لهم بهذا العهد وأجازهم إلى الأندلس فنزلوا على السلطان ابن الأحمر أكرم نزل أنزلهم بقصور ملكه بالحمراء وقرب لهم المراكب وأفاض عليهم العطاء ووسع لهم الجرايات والارزاق وأقاموا هنالك في ظل ظليل فكان لهم به وثوب على ملك المغرب وكان الوزير القائم بها محمد بن عثمان يقدر له قدر ذلك فيجرى في أغراضه وقصوده ويحكمه في الدولة ما شاء أن يحكمه حتى توجهت الوجوه إلى ابن الأحمر وراء البحر من أشياخ بنى مرين والمغرب وأصبح المغرب كأنه من بعض أعمال الأندلس ولما نهض السلطان إلى تلمسان خاطبوه وأوصوه بالمغرب وترك محمد بن عثمان بدار الملك كاتبه محمد بن الحسن كان مصطنعا عنده من بقية شيع الموحدين ببجاية فاختصه ورقاه واستخلفه في سفره هذا على دار الملك فلما انتهوا إلى تلمسان وحصل له من الفتح ما حصل كتبوا بالخبر إلى السلطان ابن الأحمر مع شيطان من ذرية عبو بن قاسم المرواني كان بدارهم وهو عبد الواحد بن محمد بن عبو كان يسمو بنفسه إلى العظائم التي ليس لها بأهل ويتربص لذلك بالدولة وكان ابن الأحمر
(٣٤٩)