كان من بنى يفرن بالمغرب الأوسط بطون كثيرة بنواحي تلمسان إلى جبل بنى راشد المعروف بهم لهذا العهد وهم الذين اختطوا تلمسان كما نذكره في أخبارها وكان رئيسهم لعهد انتقال الخلافة من بنى أمية إلى بنى العباس أبو قرة ولا نعرف من نسبه أكثر من أنه منهم ولما انتقض البرابرة بالمغرب الأقصى وقام ميسرة وقومه بدعوة الخارجية وقتله البرابرة قدموا على أنفسهم مكانه خالد بن حميد من زناتة فكان من حروبه مع كلثوم بن عياص وقتله إياه ما هو معروف ورأس على زناتة من بعده أبو قرة هذا ولما استأثلت دولة بنى أمية كثرت الخارجية في البربر وملك وريحومة القيروان وهوارة وزناتة طرابلس ومكناسة سجلماسة وابن رستم تاهرت وقدم ابن الأشعث إفريقية من قبل أبى جعفر المنصور وخافه البربر فحسم العلل وسكن الحروب ثم انتقض بنو يفرن بنواحي تلمسان ودعوا إلى الخارجية وبايعوا أبا قرة كبيرهم بالخلافة سنة ثمان وأربعين ومائة وسرح إليهم ابن الأشعث الأغلب بن سوادة التميمي فانتهى إلى الزاب وفر أبو قرة إلى المغرب الأقصى ثم راجع موطنه بعد رجوع الأغلب (ولما انتقض) البرابرة على عمر بن حفص بن أبي صفرة الملقب هزار مردا عام خمسين ومائة وحاصروه بطبنة كان فيمن حاصره أبو قرة اليفرنى في أربعين ألفا صفرية من قومه وغيرهم حتى اشتد عليه الحصار وداخل أبا قرة في الافراج عنه على يد ابنه على أن يعطيه أربعين ألفا ولابنه أربعة آلاف فارتحل بقومه وانفض البرابرة عن طبنة ثم حاصروه بعد ذلك القيروان واجتمعوا عليه وأبو قرة معهم بثلثمائة وخمسين ألفا الخيالة منها خمسة وثمانون ألفا وهلك عمر بن حفص في ذلك الحصار وقدم يزيد بن حاتم واليا على إفريقية ففض جموعهم وفرق كلمتهم ولحق أبو قرة وبنو يفرن أصحابه بمواطنهم من تلمسان بعد أن قتل صاحبه أبو حاتم الكندي رأس الخوارج واستلحم بنى يفرن وتوغل يزيد بن حاتم في المغرب ونواحيه وأثخن في أهله إلى أن استكانوا واستقاموا ولم يكن لبنى يفرن من بعدها انتقاض حتى كان شأن أبى يزيد بإفريقية في بني واركوا ومرنجيصة منهم حسبما نذكره ان شاء الله تعالى الكريم وبعض المؤرخين ينسب ابا قرة هذا إلى مغيلة ولم أظفر بصحيح في ذلك والطرائق متساوية في الجانبين فان نواحي تلمسان وان كانت موطنا لبنى يفرن فهي أيضا موطن لمغيلة والقبيلتان متجاورتان لكن بنو يفرن كانوا أشد قوة وأكثر جمعا ومغيلة أيضا كانوا أشهر بالخارجية من بنى يفرن لأنهم كانوا صفرية وكثير من الناس يقولون ان بنى يفرن كانوا على مذهب أهل السنة كما ذكره ابن حزم وغيره والله أعلم
(١٢)