لطف الله ما شأنه أن يتدارك المتورطين في المهالك والله غالب على أمره (الخبر عن افتتاح بلاد مغراوة وما تخلل ذلك من الاحداث) لما أناخ السلطان على تلمسان وتغلب على ضواحي بنى عبد الواد وافتتح أمصارهم سما إلى التغلب على ممالك مغراوة وبنى توجين وكان ثابت بن منديل قد وفد على السلطان بمقر ملكه من فاس سنة أربع وتسعين وأصهر إليه في حافدته فعقد له عليها وهلك ثابت بمكان وفادته من دولتهم وأعرس السلطان بحافدته سنة ست وتسعين كما ذكرنا ذلك من قبل فلما تغلب السلطان على مال بنى عبد الواد جهز عساكره إلى بلاد مغراوة وعقد عليها لعلي بن محمد من عظماء بنى ورتاجن فتغلبوا على الضواحي وشردوا مغراوة إلى رؤس المعاقل واعتصم راشد بن محمد بن ثابت بن منديل صهر السلطان بمليانة فنازلوه بها ثم استنزلوه على الأمان سنة تسع وتسعين فأوفدوه على السلطان فلقاه مبرة وتكرمة وخلطه بجملة صهره معه ثم افتتحوا مدينة تدلس ومازونة وشرشال وأعطى زيرى بن حماد المنتزى على برشك من بلادهم يد الطاعة وأوفد على السلطان البيعة واستولوا على ضواحي شلف كلها ولاذت مغراوة بطاعة السلطان وعقد عليهم وعلى جميع بلادهم لعمر بن ويفرن بن منديل فأسف ذلك راشد بن محمد لما كان يراه لنفسه من الاختصاص ولما كانت أخته حظية السلطان وكريمته ونافس عمر بن ويفرن في امارة قومه فلحق بجبال متيجة وأجلب على من هنالك من عمال السلطان وعساكره وانحاش إليه مرضى القلوب من قومه فاعصوصبوا عليه وداخلوا أهل مازونة فانتقضوا على السلطان وملكوه أمرهم في ربيع من المائة السابعة ثم بيت عمر بن ويفرن بمعسكره من أزمور فقتله واستباح العسكر وبلغ الخبر إلى السلطان فسرح العساكر من بنى مرين وعقد لعلي بن الحسن بن أبي الطلاق على قومه من بنى عسكر ولعلي بن محمد الخيري على قومه من بنى ورتاجن وجعل الامر شورى بينهما وأشرك معهما عليا الحساني من صنائع دولته وأبا بكر بن إبراهيم بن عبد القوى من أعياص بنى توجين وعقد على مغراوة لمحمد ابن عمر بن منديل وأشركه معهم وزحفوا إلى راشد ولما أحس بالعساكر لجأ إلى معقل بنى بو سعيد فيمن معه من شيعة مغراوة وأنزل بمازونة عليا وحمو ابني عمه يحيى بن ثابت واستوصاهم بضبط البلد وأنه مشرف عليهم من الجبل وجاءت عساكر السلطان إلى بلاد مغراوة فتغلبوا على البسائط وأناخوا بمازونة واضطربوا بمعسكرهم بساحتها وأخذوا بمخنقها واهتبل على وقومه غرة معسكر بنى مرين فبيتهم سنة احدى وسبعمائة وانفض المعسكر وتقبض على علي بن محمد الخيري ثم امتنعوا عليه وعاد المعسكر إلى مكانهم من حصارهم وجهدهم حالهم فنزل إليهم حمو بن يحيى على حكم السلطان وأنفذوه إليه
(٢٢٢)