لما هلك السلطان أبو الربيع بتازى تطاول للامر عمه عثمان بن السلطان أبى يعقوب المعروف بأمة قضنيت واستام المنصب وأسدى في ذلك وألحم وحضر الوزراء والمشيخة بالقصر بعد هدء من الليل واستثاروا شيخ القرابة يومئذ وكبير الأعياص المرشحين وسربت إليهم الأموال وجاءهم عثمان بن السلطان أبى يعقوب مستاما فزجروه واستدعوا السلطان أبا سعيد فحضر وبايعوه ليلتئذ وأنفذ كتبه إلى النواحي والجهات باقتضاء البيعة وسرح ابنه الأكبر الأمير أبا الحسن إلى فاس فدخلها غرة رجب من سنة عشر ودخل القصر واطلع على أمواله وذخيرته وفى غد ليلته أخذت البيعة للسلطان بظاهر تازى على بنى مرين وسائر زناتة والعرب والقبائل والعساكر والحاشية والموالي والصنائع والعلماء والصلحاء ونقباء الناس وعرفائهم والخاصة والدهماء فقام بالأمر واستوسق له الملك وفرق الأعطيات وأسنى الجوائز وتفقد الدواوين ورفع الظلامات وحط المغارم والمكوس وسرح السجون ورفع عن أهل فاس وظيفة الرباع وارتحل لعشرين من رجب إلى حضرته فاحتل بفاس وقدم عليه وفود التهنئة من جميع بلاد مغرب ثم خرج لذي القعدة بعدها إلى رباط الفتح لتفقد الأحوال والنظر في أحوال الرعايا واهتم بالجهاد وأنشأ الأساطيل للغزو في سبيل الله ولما قضى منسك الأضحى بعده رجع إلى حضرته بفاس ثم عقد سنة احدى عشرة لأخيه الأمير أبى البقاء يعيش على ثغور الأندلس الجزيرة ورندة وما إليها من الحصون ثم نهض من الحصون سنة ثلاث عشرة إلى مراكش لما كان بها من اختلال الأحوال وخروج عدى بن هند الهسكورى ونقضه للطاعة فنازله وحاصره مدة واقتحم حصنه عنوة عليه وحمله إلى دار ملكه عنوة فأودعه المطبق ثم رجع إلى غزو تلمسان والله أعلم * (الخبر عن حركة السلطان أبى سعيد إلى تلمسان أولى حركاته إليها) * لما خرج عبد الحق بن عثمان على السلطان أبى الربيع وتغلب على تازى بمظاهرة الحسن ابن علي بن أبي الطلاق كبير بنى عسكر واختلف رسلهم إلى أبي حمو موسى بن عثمان سلطان بنى عبد الواد أسف ذلك بنى مرين وحرك من إحنهم ولما لحق الخارجون على الدولة بالسلطان أبى حمو وأقبل عليهم أضرم ذلك حقد بنى مرين وولى السلطان أبو سعيد الامر وفي أنفسهم من بنى عبد الواد غصة فلما استوسق أمر السلطان ودوخ الجهات المراكشية وعقد على البلاد الأندلسية وفرغ من شأن المغرب اعتزم على غزو تلمسان فنهض إليه سنة أربع عشرة ولما انتهى إلى وادى ملوية قدم ابنيه أبا الحسن وأبا على في عسكرين عظيمين في الجناحين وسار في ساقتهما ودخل بلاد بنى عبد الواد على هذه التعبية فاكتسح نواحيها واصطلم نعمها ونازل وجدة فقاتلها قتالا شديد أو امتنعت
(٢٤٢)