مكان عمله فقدم عليه بمخيمه على تلمسان فاختصه باقباله ورفع مجلسه من بساطه ولم يزل عنده بتلك الحال إلى أن هلك بعد افتتاح تلمسان والله مصرف الاقدار (وأما هلال) فأصله من سبى النصارى القطلولين أهداه السلطان ابن الأحمر إلى عثمان وصار إلى السلطان أبى حمو فأعطاه إلى ولده أبى تاشفين فيما أعطاه من الموالى العلوجين ونشأ عنده وتربى وكان مختصا عنده بالراحلة والدالة وتولى كبر تلك الفعلة التي فعلوا بالسلطان أبى حمو ولما ولى بعده ابنه أبو تاشفين ولاه على حجابته وكان مهيبا فظا غليظا فقعد مقعد الفصل ببابه وأرهف للناس سطوه وزحزح المرشحين عن رتب المماثلة إلى التعلق بأهدابه فاستولى على الامر واستبد على السلطان ثم حذر مغبة الملك وسوء العواقب فاستأذن السلطان في الحج وركب إليه من هنيز بعض السفن اشتراها بماله وشحنها بالعديد والعدة والأقوات والمقاتلة وأقام كاتبه الحاج محمد بن حواتة بباب السلطان على رسم النيابة عنه وأقلع سنة أربع وعشرين فنزل بالإسكندرية وصحب الحاج من مصرفي جملة الأمير عليهم ولقى في طريقه سلطان السودان من آل منسى موسى واستحكمت بينهما المودة ثم رجع بعد قضاء فرضه إلى تلمسان فلم يجد مكانه من السلطان ولم يزل من بعد ذلك يتنكر له وهو يسايسه بالمداراة والاستجداء إلى أن سخطه فتقبض عليه سنة تسع وعشرين وأودعه سجنه فلم يزل معتقلا إلى أن هلك من وجع أصابه قبيل فخ تلمسان ومهلك السلطان بأيام فكانت آية عجبا في تقارب مهلكهما واقتراب سعادتهما ونحوستهما وقد كان السلطان أبو الحسن يتبع الموالى الذين شهدوا مقتل السلطان أبى حمو وأفلت هلال هذا من عقابه بموته والله بالغ حكمه {الخبر عن انتزاء عثمان بن جرار على ملك تلمسان بعد نكبة السلطان أبى الحسن بالقيروان وعود الملك بذلك لبنى زيان} كان بنو جرار هؤلاء من فضائل يندوكس بن طاع الله وهم بنو جرار بن يعلى بن يندوكس وكان بنو محمد بن زكراز يفضون إليهم من أول الامر حتى صار الملك إليهم واستبدوا به فجروا على جميع الفصائل من عشائرهم ذيل الاحتقار ونشأ عثمان بن يحيى ابن محمد بن جرار هذا من بينهم مرموقا بعين التجلة والرياسة وسعى عند السلطان أبى تاشفين بان في نفسه تطاولا للرياسة فاعتقله مدة وفر من محبسه فلحق بملك المغرب السلطان سعيد فآثر محله وأكرم منزله واستقر بمثواه فنسك وزهد واستأذن السلطان عند تغلبه على تلمسان في الحج بالناس فأذن له وكان قائد الركب من المغرب إلى مكة سائر أيامه حتى استولى السلطان أبو الحسن على اعمال الموحدين وحشد أهل المغرب من زناتة والعرب لدخول إفريقية اندرج عثمان هذا في جملته واستأذنه قبيل القيروان في الرجوع إلى
(١١٤)