وامتحنه ثم قطع لسانه وهلك في ذلك الامتحان وارتحل الأمير أبو عنان وجموع بنى مرين إلى مراكش وبرز السلطان إلى لقائهم ومدافعتهم وانتهى كل واحد من الفريقين إلى وادى أم ربيع وتربص كل بصاحبه إجازة الوادي ثم اجازه السلطان أبو الحسن وأصبحوا جميعا في التعبية والتقى الجمعان بثامر غوست في آخر صفر من سنة احدى وخمسين فاختل مصاف السلطان وانهزم عسكره ولحق به أبطال بنى مرين فرجعوا عنه حياء وهيبة وكبا به فرسه يومئذ في مفره فسقط إلى الأرض والفرسان تحوم حوله واعترضهم دونه أبو دينار سليمان بن علي بن أحمد أمير الزواودة ورديف أخيه يعقوب كان هاجر مع السلطان من الجزائر ولم يزل في جملته إلى يومئذ فدافع عنه حتى ركب وسار من ورائه رد أله وتقبض على حاجبه علال بن محمد فصار في يد الأمير أبى عنان وأودعه السجن إلى أن امتن عليه بعد مهلك أبيه وخلص السلطان إلى جبل هنتاتة ومعه كبيرهم عبد العزيز بن محمد بن علي فنزل عليه وأجاره واجتمع إليه الملا من قومه هنتاتة ومن انضاف إليهم من المصامدة وتأمروا وتعاهدوا على الدفاع عنه وبايعوه على الموت وجاء أبو عنان على اثره حتى احتل بمراكش وأنزل عساكره على جبل هنتاتة ورتب المسالح لحصاره وحربه وطال عليه ثواؤه وطلب السلطان من ابنه الابقاء وبعث في حاجبه محمد بن أبي عمر فحضر عنده وأحسن العذر عن الأمير أبى عنان والتمس له الرضا منه فرضى عنه وكتب له بولاية عهده وأو عز إليه بأن يبعث له مالا وكسا فسرح الحاجب بن أبي عمر باخراجها من المودع بدار ملكهم واعتل السلطان خلال ذلك فمرضه أولياؤه وخاصته وافتصد لاخراج الدم ثم باشر الماء لفصده للطهارة فورم وهلك لليال قريبة عفا الله عنه لثلاث وعشرين مع ربيع الثاني سنة ثنتين وخمسين وبعث أولياؤه الخبر إلى ابنه بمعسكره من ساحة مراكش ورفعوه على أعواده إليه فتلقاه حافيا حاسرا وقبل أعواده وبكى واسترجع ورضى عن أوليائه وخاصته وأنزلهم بالمحل الذي رضوه من دولته ووارى أباه بمراكش إلى أن نقله إلى مقبرة سلفهم بشالة في طريقه إلى فاس وتلقى أبا دينار بن علي بن أحمد بالقبول والكرامة وأحله محل الرحب والسعة وأسنى جائزته وخلع عليه وحمله وانصرف من فاس إلى قومه يستحثهم للقاء السلطان أبى عنان بتلمسان لما كان أجمع على الحركة إليه بعد مهلك أبيه ورعى لعبد العزيز بن محمد أمير هنتاتة اجارته للسلطان واستماتته دونه فعقد له على قومه وأحله بالمحل الرفيع من دولته ومجلسه واستبلغ في تكريمه والله تعالى أعلم {الخبر عن حركة السلطان أبى عنان إلى تلمسان وايقاعه ببني عبد الواد بأنكاد ومهلك سلطانهم سعيد}
(٢٨٧)