ودفن يوم السبت وحجب الحسن بن عمر الولد المنصوب للامر وأغلق عليه بابه وتفرد بالأمر والنهى دونه ولحق عبد الرحمن ابن السلطان أبى عنان بجبل الكاى يوم بيعة أخيه وكان أسن منه وانما آثروه لمكان ابن عمه مسعود بن ماسى من وزارته فبعثوا إليه من لاطفه واستنزله على الأمان وجاء به إلى أخيه فاعتقله الحسن بالقصبة من فاس وبعث على أبناء السلطان الأصاغر الأمراء بالثغور فجاء المعتصم من سجلماسة وامتنع المعتمد بمراكش وكان بها في كفالة عامر بن محمد الهنتاتي استوصاه به السلطان وجعله هنا لك لنظره فمنعه من الوصول وخرج به من مراكش إلى معقله من جبل هنتاتة وجهز الوزير العساكر لمحاربته ولم يزل هنالك إلى أن استنزله عمه السلطان أبو سالم عند استيلائه على ملك المغرب كما نذكره ان شاء الله تعالى والله أعلم {الخبر عن تجهيز العساكر إلى مراكش ونهوض الوزير سليمان بن داود لمحاربة عامر بن محمد} كان عامر بن محمد بن علي شيخ هنتاتة من قبائل المصامدة وكان السلطان يعقوب قد استعمل أباه محمد بن علي على جبايتهم والسلطان أبو سعيد استعمل عمه موسى بن علي وربى عامر هذا في كفالة الدولة وصار في جملة السلطان إلى إفريقية وولاه السلطان أحكام الشرطة بتونس ولما ركب البحر إلى المغرب أركب حرمه وحظاياه في السفن وجعلهم إلى نظر عامر بن محمد وأجاز البحر إلى الأندلس وبلغهم غرق السلطان أبى الحسن وعسكره فأقام بهم بمكانه من لمدية ودعى للسلطان أبى عنان فلم يجب داعيه وفاء ببيعة أبيه حتى إذا هلك السلطان أبو الحسن بدارهم بالجبل دعاه لهم السلطان أبو عنان وأحسن نزله ثم عقد له على جباية المصامدة سنة أربع وخمسين وبعثه له من تلمسان فاضطلع بهذه الولاية وأحسن الغناء فيها والكفاية عليها حتى كان السلطان أبو عنان يقول وددت لو أصبت رجلا يكفيني ناحية المشرق من سلطاني كما كفاني عامر بن محمد ناحية المغرب وأتودع ونافسه الوزراء في مقامه ذلك عند السلطان ورتبته وانفرد الحسن بن عمر آخر الامر بوزارة السلطان واشتدت منافسته وانتهت إلى العداوة والسعاية وكان السلطان بين يدي مهلكه ولى أبناءه الأصاغر على أعمال ملكه فعقد لابنه محمد المعتمد على مراكش واستوزر له وجعله إلى نظر عامر واستوصاه به فلما هلك السلطان واستقل الحسن بن عمر بالأمر ونصب السعيد للملك استقدم الأبناء من الجهات فبعث عن المعتمد من مراكش فأبى عليه عامر من الوفادة عليهم وصعد به إلى معقله من جبل هنتاتة وبلغ الحسن بن عمر خبره فجهز إليه العساكر وأزاح عللهم وعقد على حربه للوزير سليمان بن داود مساهمة في القيام بالأمر وسرحه في المحرم سنة ستين وسبعمائة قأغذ السير إلى
(٣٠٠)