وجهزه السلطان أبو سالم سنة ثلاث وستين فصحبه يحيى بن عمر هذا ولقيهم ابنه أبو سعيد عثمان وقاموا بأمر سلطانهم واستولى على الأندلس وكان لهم آثار في ذلك ولما استولى على غرناطة سنة ثلاث وستين عقد ليحيى بن عمر على امارة الغزاة كما كان وأعلى يده واستخلص عثمان لشوراه وخلطه ببطانته ونافسه الوزير يومئذ محمد بن خطيب فسعى فيهم وأغرى السلطان بهم فتقبض عليهم سنة أربع وستين وأودعهم المطبق ثم أشخص يحيى سنة ست وستين إلى المشرق وركب السفن من لمدية فنزل بالإسكندرية ورجع منها إلى المغرب ونزل على عمر بن عبد الله أيام استبداده واستقر في كرامة وخير مقامه ولم يزل بالمغرب على أعز الأحوال إلى أن هلك سنة ثنتين وثمانين ثم استخلص ابنه أبا سعيد عثمان من الاعتقال سنة تسع وستين إلى إفريقية ونزل ببجاية على مولانا السلطان أبى العباس حافد مولانا السلطان أبى يحيى واستقر في جملته وحضر معه فتح تونس وأبلى فيه وأقطع له السلطان وأسنى له الجراية وخلطه بنفسه واصطفاه لشوراه وخلته وهو لهذا العهد من عظماء مجلسه وظهرائه في مقامات حروبه واخوته بالأندلس على مراكز عزهم وفى ظلال عصبيتهم مع قومهم وقد ذهب مواجد السلطان بالأندلس عليهم وصار إلى حبل رأيه منهم والله مالك الملك ومقلب القلوب لا رب غيره * (الخبر عن إدريس بن عثمان بن أبي العلاء وامارته بالأندلس ومصاير أمره) * لما هلك أبو ثابت بن عثمان بن أبي العلاء سنة خمسين وسبعمائة واستقر اخوته في جملة السلطان أبى عنان ملك المغرب وأقطعهم وأسنى جراياتهم وكان في إدريس منهم بقية الترشيح براه الناس به فلما نهض السلطان إلى فتح قسنطينة سنة ثمان وخمسين توغل في ديار إفريقية وخام قومه عن مواقفها تحيلوا عليه في الرجوع به عن قصده منها وأذنت المشيخة لمن معهم من قومهم في الانطلاق إلى المغرب حتى خف المعسكر من أهله وتآمروا زعموا في اغتيال السلطان والإدالة منه بإدريس هذا ونذر بذلك فكر راجعا كما ذكرناه في أخباره ولما أشيع ذلك ركب إدريس ظهر الغدر وفر من العسكر ليلا ولحق بتونس ونزل على القائم بالدولة يومئذ الحاجب أبى محمد بن تافراكين خير نزل وأبره وركب السفين من تونس إلى العدوة فنزل على ابن القمص صاحب برشلونة في حشمه وذويه وأقام هنالك إلى أن كان من مهلك رضوان الحاجب المستبد بالأندلس سن ستين ما قدمناه فنزع إلى منبته من غرناطة ونزل على إسماعيل ابن السلطان أبى الحجاج والقائم بدولته يومئذ الرئيس محمد ابن عمه إسماعيل بن محمد الرئيس أبى سعيد فبقوه مبرة وتكريما ورجوة بالإدالة به من يحيى بن عمر أمير الغزاة يومئذ لما كانوا يتهمونه به من ممالاة المخلوع صاحب الامر عليهم ولما نزع يحيى بن عمر إلى الطاغية ولحق بدار الحرب
(٣٧٥)