الجليل الكبير الرفيع الماجد القائد الحظي المعظم الموقر المبرور المرحوم أبى عبد الله ابن خلدون وصله الله أسباب السعادة وبلغه من فضله أقصى الإرادة أعلن بما عنده أيده الله من الاعتقاد الجميل في جانبه المرفع وان كان غنيا من الاعلان وأعرب عن معرفة مقداره في الحسبان العلماء الرؤساء الأعيان وأفاد باتصال رضاه عن مقاصده البرة وشيمه الحسان من لدن وفد على بابه وفادة العز الراسخ البنيان وأقام المقام الذي عين له رفعة المكان واجلال الشأن إلى أن عزم على قصد وطنه أبلغه الله في ظل الامن والأمان وكفالة الرحمن بعد الاغتباط المربى على الخير بالعيان والتمسك بجواره بجهد الامكان ثم قبول عذره بما جبلت الأنفس عليه من الحنين إلى المعاهد والأوطان بعد أن لم يدخر عنه كرامة رفيعة ولم يحجب عنه وجه صنيعه قولاه القيادة والسيادة وأجله جليسا معتمدا بالاستشارة ثم أصحبه تشييعا يشهد بالضنانة بفراقه ويجمع له بر الوجاهة من جميع آفاقه ويجعله بيده رثيمة خنصر ووثيقة سامع أو مبصر فمهما لوى إلى هذه البلاد بعد قضاء وطره وتمليه من نهمة سفره أو نزع به حسن العهد وحنين الود فصدر العناية به مشروح وباب الرضا والقبول مفتوح وما عهده من الحظوة والبر ممنوح فما كان القصد في مثله من أمجاد الأولياء التحول ولا الاعتقاد الكريم التبدل ولا الزمن الأخيران ينسخ الأول على هذا فليطو ضميره وليرد ما شاء نميره ومن وقف عليه من القواد والأشياخ والخدام براو بحرا على اختلاف الخطط والرتب وتباين الأحوال والنسب أن يعرفوا حق هذا الاعتقاد في كل ما يحتاج إليه من تشييع ونزول وإعانة وقبول واعتناء موصول إلى أن يكمل الغرض ويؤدى من امتثال هذا الامر الواجب المفترض بحول الله وقوته وكتب في التاسع عشر من جمادى الأولى عام ست وستين وسبعمائة وبعد التاريخ العلامة بخط السلطان ونصها صح هذا * (الرحلة من الأندلس إلى بجاية وولاية الحجابة بها على الاستبداد) * كانت بجاية ثغر الإفريقية في دولة بنى أبى حفص من الموحدين ولما صار أمرهم للسلطان أبى يحيى منهم واستقل بملك إفريقية ولى في ثغر بجاية ابنه الأمير أبو زكريا وفى يغر قسنطينة أبنه الأمير أبو عبد الله وكان بنو عبد الواد ملوك تلمسان والمغرب الأوسط ينازعونه في أعماله ويحجرون الكتائب على بجاية ويجلبون على قسنطينة إلى أن تمسك السلطان أبو بكر بذمة من السلطان أبى الحسن ملك المغرب الأوسط والأقصى من بنى مرين وله الشفوف على سائر ملوكهم وزحف السلطان أبو الحسن إلى تلمسان فأخذ بمخنقها سنتين أو أزيد وملكها عنوة وقتل سلطانها أبا تاشفين وذلك سنة سبع وثلاثين وخف ما كان على الموحدين من أمر بنى عبد الواد واستقامت دولتهم ثم هلك
(٤١٦)