سبع وأربعين فلما فصل جوهر بالجنود بادر أمير زناتة بالمغرب يعلى بن محمد اليفرني إلى لقائه والاذعان لطاعته والانحياش إليه ونبذ عهد البيعة عن قومه بنى يفرن وزناتة فتقبلها جوهر وأضمر الفتك به وتخير لذلك يوم فصوله من بلده وأسر إلى بعض مستخلصيه من الاتباع فأوقعوا نفرة في أعقاب العسكر طار إليها الزعماء من كتامة وصنهاجة وزناتة وتقبض على يعلى فهلك في وطيس تلك الهيعة فغص بالرماح على أيدي رجالات كتامة وصنهاجة وذهب دمه هدرا في القبائل وخرب جوهر مدينة ايفكان وفرت زناتة أمامه وكشف القناع في مطالبتهم (وقد ذكر) بعض المؤرخين ان يعلى انما لقى جوهرا عند منصرفه من الغزاة بمدينة تاهرت وهنالك كانت فتكه به بناحية شلف فتفرقت بعدها جماعة بنى يفرن وذهب ملكهم فلم يجتمعوا الا بعد حين على ابنه بدوي بالمغرب كما نذكره وحلق الكثير منهم بالأندلس كما يأتي خبرهم في موضعه وانقرضت دولة بنى يفرن هؤلاء إلى أن عادت بعد مدة على يد يعلى بفاس ثم استقرت آخر ابسلا وتعاقب فيهم هنالك إلى آخرها كما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن الدولة الثانية لبنى يفرن بسلا من المغرب الأقصى وأولية ذلك وتصاريفه) * لما أوقع جوهر الكاتب قائد المعز بيلعى بن محمد بن أمير بنى يفرن وملك المغرب سنة سبع وأربعين كما ذكرناه وتفرقت جموع بنى يفرن لحق ابنه بدوي بن يعلى بالمغرب الأقصى وأحس بجوهر من ورائه فأبعد المفر وأصحر إلى أن رجع جوهر من المغرب ويقال ان جوهرا تقبض عليه واحتمله أسيرا فاعتقل إلى أن فر من معتقله بعد حين واجتمع عليه قومه من بنى يفرن وكان جوهر عند منصرفه من المغرب ولى على الأدارسة المتحيزين إلى الريف وبلاد غمارة الحسن بن كنون شيخ بنى محمد منهم فنزل وأجاز الحكم المنتصر لأول ولايته سنة خمس وثلثمائة وزيره محمد بن قاسم بن طلمس في العساكر لتدويخ المغرب واقتلاع جرثومة الأدارسة فأجاز في العساكر وغلبهم على بلادهم وأزعجهم جميعا عن المغرب إلى الأندلس سنة خمس وستين كما ذكرناه ومهد دعوة الأموية بالمغرب وأقبل الحكم مولاه غالبا ورده إلى الثغر لسده وعقد على المغرب ليحيى بن محمد بن هاشم التجيبي صاحب الثغر الا على وكان أجازه مدد الغالب في رجال العرب وجند الثغور حتى إذا انغمس الحكم في علة الفالج وركدت ريح المروانية بالمغرب واحتاجت الدولة إلى رجالها لسد الثغور ودفاع العدو استدعى يحيى بن محمد بن هاشم من العدوة وإدالة الحاجب المصجعى بجعفر بن علي بن حمدون أمير الزاب والمسيلة النازع إليهم من دعوة الشيعة وجمعوا بين الانتفاع به في العدوة والراحة مما يتوقع منه على الدولة ومن البرابرة في التيات الخلابة لما كانوا أصاروا إليه من النكبة وطوقوه
(١٨)