بثراة هذا الملك الحفصي إلى الأحق به مولانا السلطان أبى العباس أحمد فانقشع الجو وأضاء الأفق ودفع المتغلبين من العرب عن أعماله وقبض أيديهم عن رعاياته وأصار مرنجيصة هؤلاء من صفاياه بعد إنزال العقوبة بهم على لياذهم بالعرب وظعنهم معهم فراجعوا الحق وأخلصوا في الانحياش ورجعوا إلى ما ألفوه من الغرامة وقوانين الخراج وهم على ذلك لهذا العهد والله وارث الأرض ومن عليها {الخبر عن مغراوة من أهل الطبقة الأولى من زناتة وما كان لهم من الدول بالمغرب ومبدأ ذلك وتصاريفه} هؤلاء القبائل من مغراوة كانوا أوسع بطون زناتة وأهل البأس والغلب منهم ونسبهم إلى مغراوة بن بصلتين بن مسر ابن زاكيا بن ورسيك بن ألديرت بن جانا اخوة بنى يفرن وبنى يرنيان وقد تقدم الخلاف في نسبهم عند ذكر بنى يفرن وأما شعوبهم وبطونهم فكثير مثل بنى يلنث وبنى زنداك وبنى رواو وتزمير وبنى أبى سعيد وبنى ورسيعان والاعواط وبنى ريقة وغيرهم ممن لم يحضرني أسماؤهم وكانت محلاتهم بأرض المغرب الأوسط من شلف إلى تلمسان إلى جبل مدبولة وما إليها ولهم مع إخوانهم بنى يفرن اجتماع وافتراق ومناغاة في أحوال البدو وكان لمغراوة هؤلاء في بدوهم ملك كبير أدركهم عليه الاسلام فأقره لهم وحسن اسلامهم وهاجر أميرهم صولات بن وزمار إلى المدينة ووفد على أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه فلقاه برا وقبولا لهجرته وعقد له على قومه ووطنه وانصرف إلى بلاده محبوا محبورا مغتبطا بالدين مظاهر القبائل مضر فلم يزل هذا دأبه وقيل إنه تقبض عليه أسير الأول الفتح في بعض حروب العرب مع البربر قبل أن يدينوا بالدين فأشخصوه إلى عثمان لمكانه من قومه فمن عليه وأسلم فحسن اسلامه وعقد له على عمله فاختص صولات هذا وسائر الاحياء من مغراوة بولاء عثمان وأهل بيته من بنى أمية وكانوا خاصة لهم دون قريش وظاهروا دعوة المروانية بالأندلس رعيا لهذا الولاء على ما تراه بعد في أخبارهم ولما هلك صولات قام بأمره في مغراوة وسائر زناتة من بعده ابنه حفص وكن من أعظم ملوكهم ثم لما هلك قام بأمره ابنه خزر وعند ما تقلص ظل الخلافة عن المغرب الأقصى بعض الشئ وأظلت فتنة ميسرة المقبر ومظفره فاعتز خزر وقومه على أمر المضربة بالقيروان واستفحل ملكهم وعظم شأن سلطانهم على البدو من زناتة بالمغرب الأوسط ثم انتقض أمر بنى أمية بالمشرق فكانت الفتنة بالمغرب فازدادوا اعتزازا وعتوا وهلك خلال ذلك خزر وقام بملكه ابنه محمد وخلص إلى المغرب إدريس الأكبر بن عبد الله بن حسن بن الحسن سنة سبعين ومائة في خلافة الهادي وقام برابرة المغرب من
(٢٤)