الواد من المغرب الأوسط والله غالب على أمره {وفاة أبى العباس صاحب المغرب واستيلاء أبى زيان بن أبي حمو على تلمسان والمغرب الأوسط} كان السلطان أبو العباس بن أبي سالم لما وصل إلى تازى وبعث ابنه أبا فارس إلى تلمسان فملكها وأقام هو بتازى يشارف أحوال ابنه ووزيره صالح الذي تقدم لفتح البلاد الشرقية وكان يوسف بن علي بن غانم أمير أولاد حسين من المعقل قد حج سنة ثلاث وتسعين واتصل بملك مصر من الترك الملك الظاهر برقوق وتقدمت إلى السلطان فئة وأخبرته بمحله من قومه فأكرم تلقيه وحمله بعد قضاء حجة هدية إلى صاحب المغرب يطرفه فيها بتحف من بضائع بلده على عادة الملوك فلما قدم بها يوسف على السلطان أبى العباس عظم موقعها وجلس في مجلس جعله لعرضها والمباهاة بها وشرع في المكافأة عنها بمتخير الجياد والبضائع والثياب حتى استكمل من ذلك ما رضيه واعتزم على انفاذها مع يوسف بن علي حاملها الأول وانه يرسله من تازى أيام مقامته هناك فطرقه هنالك مرض كان فيه حتفه في محرم سنة ست وتسعين واستدعوا ابنه أبا فارس من تلمسان فبايعوه بتازى وولوه مكانه ورجعوا به إلى فاس وأطلقوا أبا زيان بن أبي حمو من الاعتقال وبعثوا به إلى تلمسان أميرا عليها وقائما بعد السلطان أبى فارس فيها فسار إليها وملكها وكان أخوه يوسف بن الزابية قد اتصل بأحياء بنى عامر يروم ملك تلمسان والاجلاب عليها فبعث إليهم أبو زيان عندما بلغه ذلك وبذلك لهم عطاء جزيلا على أن يبعثوا به إليه فأجابوه إلى ذلك وأسلموه إلى ثقات أبى زيان وساروا به فاعترضهم بعض أحياء العرب ليستنقذوه منهم فبادروا بقتله وحملوا رأسه إلى أخيه أبى زيان فسكنت أحواله وذهبت الفتنة بذهابه واستقامت أمور دولته وهم على ذلك لهذا العهد والله غالب على أمره وقد انتهى بناء القول في دولة بنى عبد الواد من زناتة الثانية (وبقي) علينا خبر الرهط الذين تحيزوا منهم إلى بنى مرين منذ أول الدولة وهم بنو كمي من فصائل على ابن القاسم اخوة طاع الله بن علي وخبر بنى كندوز أمرائهم بمراكش فلترجع إلى ذكر أخبارهم وبها نستوفي الكلام في أخبار بنى عبد الواد والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين
(١٤٨)