خالطه روعة أحس منها يغمراسن بمكره فانحاص منه وركض النصراني امامه يطلب النجاة وتبين الغدر وثارت بهم الدهماء من الحامية والرعايا فأحيط بهم من كل جانب وتناولتهم أيدي الهلاك بكل مهلك قعصا بالرماح وهبرا بالسيوف وشدخا بالعصى والحجارة حتى استلحموا وكان يوما مشهودا ولم يستخدم من بعدها جند النصارى بتلمسان حذرا من غائلتهم ويقال ان محمد بن زيان هو الذي داخل القائد في الفتك بأخيه يغمراسن وانه انما قتله عند ما لم يتم لهم الامر تبرأ من مداخلته فلم يمهله غاشى الهيعة للتثبت في شأنها والله أعلم * (الخبر عن تغلب يغمراسن على سجلماسة ثم مصيرها بعد إلى إيالة بنى مرين) * وكان عرب المعقل منذ دخول العرب الهلاليين إلى صحراء المغرب الأقصى احلافا وشيعا لزناتة وأكثر انحياشهم إلى بنى مرين الا ذوي عبيد الله منهم لما كانت مجالاتهم لصق مجالات بنى عبد الواد ومشاركة لها ولما استفحل شأن بنى عبد الواد بين يدي ملكهم زحموهم عنها بالمناكب ونبذوا إليهم العهد واستلحقوا دونهم المنبات من ذوي منصور اقتالهم فكانوا حلفاء وشيعة ليغمراسن ولقومه وكانت سجلماسة في مجالاتهم ومنقلب رحلتهم وكانت قد صارت إلى ملك بنى مرين ثم استبد بها القطراني ثم ثاروا به ورجعوا إلى طاعة المرتضى وتولى كبر ذلك علي بن عمر كما ذكرناه في أخبار بنى مرين ثم تغلب المنبات على سجلماسة وقتلوا عاملها علي بن عمر سنة ثنتين وستين وآثروا يغمراسن بملكها ودخل أهل البلد في القيام بدعوته وحملوهم عليها وحاجنوا يغمراسن فنهض إليها في قومه وأمكنوه من قيادها فضبطها وعقد عليها لولده يحيى وأنزل معه ابن أخته حنينة واسمه عبد الملك بن محمد بن علي بن قاسم بن درم من ولد محمد وأنزل معهما يغمراسن بن حمامة فيمن معهم من عشائرهم وحشمهم فأقام ابنه يحيى أميرا عليها إلى أن غلب يعقوب بن عبد الحق الموحدين على دار خلافتهم واطاعته طنجة وعامة بلاد المغرب فوجه عزمه إلى انتزاع سجلماسة من طاعة يغمراسن وزحف إليها في العساكر والحشود من زناتة والعرب والبربر ونصب عليها آلات الحصار إلى أن سقط جانب من سورها فاقتحموها منه عنوة في صفر سنة ثلاث وسبعين واستباحوها وقتل القائدان عبد الملك بن حنينة ويغمراسن بن حمامة ومن معهم من بنى عبد الواد أمراء المنبات وصارت إلى طاعة بنى مرين آخر الأيام والملك بيد الله يؤتيه من يشاء * (الخبر عن حروب يغمراسن مع يعقوب بن عبد الحق) * قد ذكرنا ما كان من شان بنى عبد المؤمن عند فشل دولتهم واستطالة بنى مرين عليهم في الاستظهار ببني عبد الواد واتصال اليد بهم في الاخذ بحجزة عدوهم من بنى مرين عليهم
(٨٥)