المسعود وعدوا عليه بمقعد حكمه من القصبة وهاجوه ببعض المحاورات فغضب ووثب عليه الرومي فقتله وطار برأسه الهاتف بسكك المدينة في شوال سنة سبع وأربعين وانتهبت داره واستبيحت حرمه ونصبوا قائد الروم لضبط البلد وبعثوا بيعتهم إلى المرتضى واتصل الخبر بالأمير أبى يحيى وهو منازل بلاد فازاز فأفرج عنها وأغذ السير إلى فاس فأناخ بعساكره عليها وشمر لحصارها وقطع السابلة عنها وبعثوا إلى المرتضى بالصريخ فلم يرجع إليهم قولا ولا ملك لهم ضرا ولا نفعا ولا وجد لما نزل بهم وجها غير أنه استجاش بالأمير أبى يحيى يغمراسن بن زيان على أمره وأغراه بعدوه وأمله لكشف هذه النازلة عمن انحاش إلى طاعته وتعلقت أطماع يغراسن بطروق بلاد المغرب فاحتشد لحركته ونهض من تلمسان للاخذ بحجزة الأمير أبى يحيى عن فاس وأجاب صريخ الخليفة لذلك وبلغ الأمير أبا يحيى خبر نهوضه إليه لتسعة أشهر من منازلة البلد فجمر الكتائب عليها وصمد إليه قبل فصوله عن تخوم بلاده والتقى الجمعان باسيلى من بسائط وجدة فتزاحف القوم وأبلوا وكانت ملحمة عظيمة هلك فيها عبد الحق بن محمد بن عبد الحق بيد إبراهيم بن هشام من بنى بعد الواد ثم انكشف بنو عبد الواد وهلك يغمراسن بن تاشفين من أكابر مشيختهم ونجا يغمراسن بن زيان إلى تلمسان وانكفأ الأمير أبو يحيى بعسكره للاخذ بمخنق فاس فسقط في أيدي أهلها ولم يجدوا وليجة من دون طاعته فسألوه الأمان فبذله لهم على غرم ما تلف له من المال بداره يوم الثورة وقدره مائة ألف دينار فتحملوها وأمكنوه من قياد البلد فدخلها في جمادى من سنة ثمان وأربعين وطالبهم بالمال فعجزوا ونقضوا شرطه فحق عليهم القول وتقبض على القاضي أبى عبد الرحمن وابن أبي طاطوا وابنه وابن حشار وأخيه المتولي كبر الفعلة فقتلهم ورفع على الشرفات رؤسهم وأخذ الباقين بغرم المال طوعا أو كرها فكان ذلك مما عبد رعية فاس وقادهم لاحكام بنى مرين وضرب الرهب على قلوبهم لهذا العهد فخشعت منهم الأصوات وانقادت الهمم ولم يحدثوا بعدها أنفسهم بغمس يد في فتنة والله مالك الأرض ومن عليها سبحانه {الخبر عن تغلب الأمير أبى يحيى على مدينة سلا وارتجاعها من يده وهزيمة المرتضى بعدها} لما كمل للأمير أبى يحيى فتح مدينة فاس واستوسق أمر بنى مرين بها رجع إلى ما كان فيه من منازلة بلاد فازاز فافتتحها ودوخ أوطان زناتة واقتضى مغارمهم وحسم علل الثائرين فيها ثم تخطى إلى مدينة سلا ورباط الفتح سنة تسع وأربعين فملكها وتاخم الموحدين بثغرها واستعمل عليها ابن أخيه يعقوب بن عبد الله بن عبد الحق
(١٧٥)