وأحاطوا بها حتى استنزلوهم على أمان عقدوه لهم ولحقوا بحلة يعقوب فعسكروا بها بعد أن نقض أهل البلاد عهدهم في ذات يدهم فاستصفوه وأشار عليهم ابن مزنى باللحاق ببسكرة لتكون ركابهم إلى السلطان فارتحلوا جميعا في جوار يعقوب لماله في تلك الضواحي حتى لحقوا ببسكرة ونزلوا منها على ابن مزنى خير نزل وكفاهم كل شئ يهمهم على طبقاتهم ومقاماتهم وعناية السلطان بمن كان وافدا منهم حتى سار بهم يعقوب بن علي إلى السلطان وأوفدهم عليه في رجب من سنته واتصل الخبر بأهل بجاية بالفعلة التي فعل اهل قسنطينة فساجلوهم في الثورة وكنسوا منازل أولياء السلطان وعماله فاستباحوها واستلبوهم وأخرجوهم من بين ظهرانيهم عراة فلحقوا بالمغرب وطيروا الخبر إلى المولى الفضل واستحثوه للقدوم فقدم عليهم وعقد على قسنطينة وبونة لمن استكفى به من خاصته ورجالات دولته واحتل ببجاية لشهر ربيع من سنته وأعاد ملك سفله واستوسق أمره بهذه الثغور إلى أن كان من خبره مع السلطان بعد خروجه من بجاية ما نذكره ان شاء الله {الخبر عن انتزاء أولاد السلطان بالمغرب الأوسط والأقصى ثم استقلال أبى عنان بملك المغرب} لما اتصل خبر النكبة بالقيروان بالأمير أبى عنان ابن السلطان وكان صاحب تلمسان والمغرب الأوسط وتساقط إليه الفل من عسكر أبيه عراة زرافات ووحدانا وأرجف الناس بمهلك السلطان بالقيروان فتطاول الأمير أبو عنان للاستئثار بسلطان أبيه دون الأبناء لما كان له من الايثار عند أبيه لصيانته وعفافه واستظهاره القرآن فكان بعين أبيه لأمثالها وكان عثمان بن يحيى بن جرار من مشيخة بنى عبد الواد وأولاد يندوكس ابن طاع الله منهم وكان له محل من الدولة كما ذكرناه عند أخباره وكان السلطان أذن له في الرجوع إلى المغرب فرجع من معسكره بالمهدية ونزل بزاوية العباد من تلمسان وكان مسمتا وقورا جهينة خبر ممنعا في حديثه وكان مرجما فيه الوقوف على الحدثان وكان الأمير أبو عنان متشوفا إلى خبر أبيه ففزع إلى عثمان بن جرار في تعرفها واستدعاه وأنس به وكان في قلبه مرض من السلطان فأودع اذن الأمير أبى عنان ما أراد من الأماني بتورط السلطان في المهلكة وبشره بمصير الامر إليه فصادف منه اذنا واعية واشتمل عليه ابن جرار من بعدها ورد الخبر بنكبة السلطان فأغراه ابن جرار بالتوثب على الملك وسول له الاستئثار به من دون إخوانه يقينا بمهلك السلطان ثم أوهمه الصدق بارجاف الناس بموت السلطان فاعتزم وشحذ عزيمته في ذلك ما اتصل به من حافد السلطان منصور ابن الأمير أبى مالك صاحب فاس وأعمال المغرب من الانتزاء على
(٢٧٨)