كان يكاتبه وهو بجبل الصفيحة ويداخل زعماء قومه في الاخذ بدعوته فلما ملك السلطان أبو سالم رعى له تلك الوسائل أجمع ورفعه على الناس وألقى عليه محبته وجعل زمام الأمور بيده فوطئ الناس عقبه وغشى أشراف الدولة بابه وصرفت الوجوه إليه فمرضت لذلك قلوب أهل الدولة ونقموه على السلطان وتربصوا به حتى وثب عبد الله بن عمر بالبلد الجديد وافترق الناس على السلطان وقتله عمر بن عبد الله آخر ثنتين وستين وحبس ابن مرزوق وأغرى به سلطانه الذي نصبه محمد بن أبي عبد الرحمن بن أبي الحسن فامتحنه واستصفاه ثم أطلقه بعد أن رام كثير من أهل الدولة قتله فمنعه منهم ولحق بتونس سنة أربع وستين ونزل على السلطان أبى اسحق وصاحب دولته المستبد عليه أبى محمد بن تافراكين فأكرموا نزله وولوه الخطابة بجامع الموحدين بتونس وأقام بها إلى أن هلك السلطان أبو اسحق سنة سبعين وولى ابنه خالد وزحف السلطان أبو العباس حافد السلطان أبى يحيى من مقره بقسنطينة إلى تونس فملكها وقتل خالدا سنة ثنتين وسبعين وكان ابن مرزوق يستريب منه لما كان يميل وهو بفاس مع ابن عمه محمد صاحب بجاية ويؤثره عند السلطان أبى سالم عليه فعزله السلطان أبو العباس عن الخطبة بتونس فوجم لها وأجمع الرحلة إلى المشرق وسرحه السلطان فركب السفن ونزل بالإسكندرية ثم رحل إلى القاهرة ولقى أهل العلم وأمراء الدولة ونفقت بضائعه عندهم وأوصلوه إلى السلطان وهو يومئذ الأشرف فكان يحضر يومئذ مجلسه وولاه الوظائف العلمية فكان ينتجع منها معاشه وكان الذي وصل حبله بالسلطان أستاذ داره محمد لقيه أول قدومه فحلا بعينه واستظرف جملته فسعى له وأنجح سعايته ولم يزل مقيما بالقاهرة موقر الرتبة معروف الفضيلة مرشحا لقضاء المالكية ملازما للتدريس في وظائفه إلى أن هلك سنة احدى وثمانين هكذا ذكر من حضره من جملة السلطان أبى الحسن من أشياخنا وأصحابنا وليس موضوع الكتاب الإطالة فلنقتصر على هذا القدر ونرجع إلى ما كنا فيه من أخبار المؤلف {ولاية العلامة بتونس ثم الرحلة بعدها إلى المغرب والكتابة على السلطان أبى عنان} ولم أزل منذ نشأت وناهزت مكبا على تحصيل العلم حريصا على اقتناء الفضائل متنقلا بين دروس العلم وحلقاته إلى أن كان الطاعون الجارف وذهب الأعيان والصدور وجميع المشيخة وهلك أبواي رحمهما الله ولزمت مجلس شيخنا أبى عبد الله الأيلي وعكفت على القراءة عليه ثلاث سنين إلى أن بعض الشئ واستدعاه السلطان أبو عنان فارتحل إليه واستدعاني أبو محمد بن تافراكين المستبد على الدولة يومئذ بتونس إلى كتابة
(٣٩٨)