وقضى عيد الأضحى وطلبت منه الاذن في الانصراف إلى الأندلس لتعذر الوجهة إلى بلاد رياح وقد أظلم الجو بالفتنة وانقطعت السبل فأذن لي وحملني رسالة إلى السلطان ابن الأحمر وانصرفت إلى المرسى بهنين وجاءه الخبر بنزول صاحب المغرب تازا في عساكره فأجفل بعدي من تلمسان ذاهبا إلى الصحراء على طريق البطحاء وتعذر على ركوب البحر من هنين فأقصرت وتأدى الخبر إلى السلطان عبد العزيز بأنى مقيم بهنين وأن معي وديعة احتملتها إلى صاحب الأندلس تخيل ذلك بعض الغواة وكتب به إلى السلطان عبد العزيز فأنفذ من وقته سرية من تازا وتعرضني لاسترجاع تلك الوديعة واستمر هو إلى تلمسان ووافتني السرية بهنين وكشفوا الخبر فلم يقفوا على صحته وحملوني إلى السلطان فلقيته قريبا من تلمسان واستكشفني عن ذلك الخبر فأعلمته بنفيه وعنفني على مفارقة دارهم فاعتذرت له لما كان من عمر بن عبد الله المستبد عليهم وشهد لي كبير مجلسه وولى أبيه وابن وليه وترمار بن عريف ووزيره عمر بن مسعود بن منديل بن حمامة واختفت الالطاف وسألني في ذلك المجلس عن أمر بجاية وأفهمني أنه يروم تملكها فهونت عليه السبيل في ذلك فسر به وأقمت تلك الليلة في الاعتقال ثم أطلقني من الغد فعمدت إلى رباط الشيخ الولي أبى مدين ونزلت بجواره مؤثرا للتخلي والانقطاع للعلم لو تركت له * (مشايعة السلطان عبد العزيز صاحب المغرب على بنى عبد الواد) * ولما دخل السلطان عبد العزيز إلى تلمسان واستولى عليها وبلغ خبره إلى أبي حمو وهو بالبطحاء فأجفل من هنالك وخرج في قومه وشيعته من بنى عامر ذاهبا إلى بلاد رياح فسرح السلطان وزيره أبا بكر بن غازي في العساكر لاتباعه وجمع عليه أحياء زغبة والمعقل باستئلاف وليه وترمار وتدبيره ثم أعمل السلطان نظره ورأى أن يقدمني أمامه إلى بلاد رياح لأوطئ أمره وأحملهم على مناصرته وشفاء نفسه من عدوه بما كان السلطان أيس من استتباع رياح وتصريفهم فيما يريده من مذاهب الطاعة فاستدعاني من خلوتي بالعبادة عند رباط الولي أبى مدين وأنا قد أخذت في تدريس العلم واعتزمت على الانقطاع فآنسني وقربني ودعاني لما ذهب إليه من ذلك فلم يسعني الا اجابته وخلع على وحملني وكتب إلى شيوخ الزواودة بامتثال أمرى وما ألقيه إليهم من أوامره وكتب إلى يعقوب بن علي وابن مزنى بمساعدتي على ذلك وأن يحاولوا على استخلاص أبى حمو من بين أحياء بنى عامر ويحولوه إلى حي يعقوب بن علي فودعته وانصرفت في عاشوراء سنة ثنتين وسبعين فلحقت الوزير في عساكره وأحياء العرب من المعقل وزغبة على البطحاء ولقيته ودفعت إليه كتاب السلطان وتقدمت أمامه وشيعني وترمار
(٤٣٢)