في قوسه وكافة عساكره بعد أن أزاح عللهم وأفاض عطاءه فيهم وكان ببني مرين نفرة عن السلطان وحذر من غائلته لجنايتهم بالتخاذل في المواقف والفرار عنه في الشدائد ولما كان يبعد بهم في الاسفار ويتجشم بهم المهالك فكانوا لذلك مجتمعين على منابذته ومخلصين في مناصحة ابنه منازعة فما لبث السلطان أن جاءه الخبر بوصولهم إليه في العساكر الضخمة مغذين السير إلى دفاعه وعلم من حاله انه لا يطيق دفاعهم وأجفل عنه وترمار وليه في قومه سويد وكان من خبره أن عريف بن يحيى كان نزع إلى الأمير أبى عنان وأحله بمحله المعهود من تشريفهم وولايتهم حتى إذا بلغه الخبر بمناصحة وترمار للسلطان ومظاهرته وقصده المغرب معه بناجعته زوى عنه وجه رضاه بعض الشئ وأقسم له لئن لم تفارق السلطان لأوقعن بك وبابنك عشر وكان معه في جملة الأمير أبى عنان وأمره بأن يكتب له بذلك فآثر وترمار رضا أبيه وعلم أن غناءه عن السلطان في وطن المغرب قليل فأجفل عنه ولحق؟؟ من قومه وألقى عصاه ببسكرة فكان ثواؤه بها إلى أن لحق بالأمير أبى عنان على ما نذكره ولما أجفل السلطان عن سجلماسة دخل الأمير أبو عنان إليها وثقف أطرافها وسد فروجها وعقد عليها ليحياتن بن عمر بن عبد المؤمن كبير بنى ونكاسن وبلغه قصد السلطان إلى مراكش فاعتزم على الرحلة إليها وانثنى عليه قومه فرجع بهم إلى فاس إلى أن كان من خبرهم مع السلطان ما نذكره ان شاء الله تعالى {الخبر عن استيلاء السلطان على مراكش ثم انهزامه أمام الأمير أبى عنان ومهلكه بجبل هنتاتة عفا الله عنه} لما أجفل السلطان عن سجلماسة سنة احدى وخمسين بين يدي الأمير أبى عنان وعسكر بنى مرين قصد مراكش وركب إليها الأوعار من جبال المصامدة ولما شارفها تسارع إليه أهل جهاتها بالطاعة من كل أوب ونسلوا من كل حدب ولحق عامل مراكش بالأمير أبى عنان ونزع إلى السلطان صاحب ديوان الجبابة أبو محمد بن محمد بن أبي مدين بما كان في المودع من مال الجباية فاختصه واستكتبه وجعل إليه علامته واستركب واستلحق وجبى الأموال وبث العطاء ودخل في طاعته قبائل العرب من جشم وسائر المصامدة وثاب له بمراكش ملك أمل معه أن يستولى على سلطانه ويرتجع فارط أمره من يد مبتزه وكان الأمير أبو عنان لما رجع إلى فاس عسكر بساحتها وشرع في العطاء وإزاحة العلل وتقبض على كاتب الجباية يحيى بن حمزة بن شعيب بن محمد بن أبي مدين اتهمه بممالأة بنى مرين في الإمالة عليه عن اللحاق بمراكش من سجلماسة وأثار حقده في ذلك ما كان من نزوع عمه أبى المجد إلى السلطان بأموال الجباية ووسوس إليه في السعاية به كاتبه وخالصته أبو عبد الله محمد بن أبي محمد بن أبي عمر لما بينهما من المنافسة فتقبض عليه
(٢٨٦)