أيديهم على لطاعة ومفارقة قومهم بنى توجين إلى سلطان بنى يغمراسن فنبذوا العهد إلى بنى محمد بن عبد القوى أمرائهم منذ العهد الأول ووصلوا أيديهم بعثمان وألزموا رعاياهم وعمالهم المغارم له إلى أن ملك وانشريس من بعدها كما نذكر ذلك في أخبارهم وصارت بلاد توجين كلها من عمله واستعمل الحشم بجبل وانشريس ثم نهض بعدها إلى المزية وبها أولاد عزيز من توجين فنازلها وقام بدعوته فيها قبائل من صنهاجة يعرفون بلدية واليهم ينسب فأمكنوه منها سنة ثمان وثمانين وبقيت في إيالته سبعة أشهر ثم انتقضت عليه ورجعت إلى ولاية أولاد عزيز وصالحوه عليها وأعطوه من الطاعة ما كانوا يعطونه محمد بن عبد القوى وبنيه فاستقام أمره في بني توجين ودانت له سائر أعمالهم ثم خرج سنة تسع وثمانين إلى بلاد مغراوة لما كانوا عليه لبنى مرين في احدى حركاتهم على تلمسان فدوخها وأنزل ابنه أبا حمو بشلب مركز عملهم فأقام به وقفل هو إلى الحضرة وتحيز فل مغراوة إلى نواحي متيجة وعليهم ثابت بن منديل أميرهم فلم يزالوا به ونهض عثمان إليهم سنة ثلاث وتسعين بعدها فانحجزوا المدينة يرشك وحاصرهم بها أربعين يوما ثم افتتحها وخاض ثابت البحر إلى المغرب فنزل على يوسف ابن يعقوب كما نذكره واستولى عثمان على سائر عمل مغراوة كما استولى على عمل بنى توجين فانتظم بلاد المغرب الأوسط كلها وبلاد زناتة الأولى ثم اشتغل بفتنة بنى مرين كما نذكر بعد أن شاء الله تعالى * (الخبر عن منازلة بجاية وما دعا إليها) * قد ذكرنا أن المولى أبا زكريا الأوسط بن المولى أبى إسحاق بن أبي حفص لحق بتلمسان عند فراره من بجاية أمام شيعة الدعي بن أبي عمارة ونزل على عثمان بن يغمراسن خير نزل ثم هلك الدعي ابن أبي عمارة واستقل عمه الأمير أبو حفص بالخلافة وبعث إليه عثمان ابن يغمراسن بطاعته على العادة وأوفد عليه وجوه قومه ودس الكثير من أهل بجاية إلى الأمير أبى زكريا يستحثونه للقدوم ويعدونه اسلام البلد إليه وفاوض عثمان بن يغمراسن في ذلك فأبى عليه وفاء بحق البيعة لعمه الخليفة بالحضرة فطوى عنه الخبر وتردد في النقض أياما ثم لحق باحياء زغبة في مجالاتهم بالقفر ونزل على داود بن هلال بن عطاف وطلب عثمان بن يغمراسن اسلامه فأبى عليه وارتحل معه إلى أعمال بجاية ونزلوا على أحياء الزواودة كما قدمناه ثم استولى المولى أبو زكريا بعد ذلك على بجاية في خبر طويل ذكرناه في أخباره واستحكمت القطيعة بينه وبين عثمان وكانت سببا لاستحكام الموالاة بين عثمان وبين الخليفة بتونس فلما زحف إليه عثمان سنة ست وثمانين وتوغل في قاصية الشرق أعمل إلى عمل بجاية ودوخ سائر أقطارها ثم نازلها بعد
(٩٣)