ويطلقهم فتشوف ابنه محمد إلى اللحاق بهم من أجل ذلك وأغراه أهله بالعزم عليه فتسور الأسوار وخرج إلى أبيه فلم يجد خبر الاسترهان صحيحا واستخدمه يوسف ابن يعقوب قائدا إلى الجند الأندلسيين الأندلسيين بتاوريرت فكره المقام على ذلك ونزع عن طوره ولبس المسوح وسار قاصدا إلى الحج وانتهى إلى رباط العباد مختفيا في صحبة الفقراء فوجد هنالك رئيسا من أهل كربلا من بنى الحسين جاء إلى المغرب يروم إقامة دعوته فيه وكان مغفلا فلما رأى عساكر يوسف بن يعقوب وشدة غلبه أيس من مرامه ونزع عن ذلك واعتزم على الرجوع إلى بلده فسار شيخنا محمد بن إبراهيم في جملته قال رحمه الله وبعد حين انكشف لي حاله وما جاء له واندرجت في جملته وأصحابه وتابعيه قال وكان يتلقاه في كل بلد من أصحابه وأشياعه وخدمه من يأتيه بالأزواد والنفقات من بلده إلى أن ركبنا البحر من تونس إلى الإسكندرية قال واشتدت على الغلمة في البحر واستحييت من كثرة الاغتسال لمكان هذا الرئيس فأشار على بعض بطانته بشرب الكافور فاغترفت منه غرفة فشربتها فاختلطت وقدم الديار المصرية على تلك الحال وبها يومئذ تقى الدين بن دقيق العيد وابن الرفعة وصفى الدين الهندي والتبريزي وغيرهم من فرسان المعقول والمنقول فلم يكن قصاراه الا تمييز أشخاصهم إذا ذكرهم لنا لما كان به من الاختلاط ثم حج مع ذلك الرئيس وسار في جملته إلى كربلا فبعث به من أصحابه من أوصله إلى مأمنه ببلاد زواوة من أطراف المغرب وقال لي شيخنا رحمه الله كان معي دنانير كثيرة تزودتها من المغرب واستبطنتها في جبة كنت ألبسها فلما نزل بي ما نزل انتزعها منى حتى إذا بعث أصحابه يشيعوني إلى المغرب دفعها إليهم حتى إذا أوصلوني إلى المأمن أعطوني إياها وأشهدوا على في كتاب حملوه معهم إليه كما أمرهم ثم قارن وصول شيخنا إلى المغرب مهلك يوسف بن يعقوب وخلاص أهل تلمسان من الحصار فعاد إلى تلمسان وقد أفاق من اختلاطه وانبعثت همته إلى تعلم العلم وكان مائلا إلى العقليات فقرأ المنطق على أبي موسى بن الإمام وجملة من الأصلين وكان أبو حمو صاحب تلمسان قد استفحل ملكه وكان ضابطا للأمور وبلغه عن شيخنا تقدمه في علم الحساب فدفعه إلى ضبط أمواله ومشارفة أحواله وتفادى شيخنا من ذلك فأكرهه عليه فأعمل الحيلة في الخلاص منه ولحق بفاس أيام السلطان أبى الربيع وبعث فيه أبو حمو فاختفى بفاس للتعاليم من اليهودي خليفة المغيلي فاستوفى عليه فنونها وحذق وخرج متواريا من فاس فلحق بمراكش أيام عشر وسبعمائة ونزل على الامام أبى العباس ابن البناء شيخ المعقول والمنقول والمبرز في التصوف علما وحالا فلزمه وأخذ عنه وتضلع في علم المعقول والتعاليم والحكمة ثم استدعاه شيخ الهساكره علي بن محمد بن تروميت ليقرأ عليه
(٣٩٠)