بالسكسيوى عبد الله ودعا لنفسه وبلغ الخبر إلى السلطان بين مقدم حاجبه ابن أبي عمرو من فتح بجاية سنة أربع وخمسين فجهز عساكره إلى المغرب وعقد على حرب السكسيوى لوزيره فارس بن ميمون بن وردار وسرحه إليه فنهض من تلمسان لربيع سنة أربع وخمسين وأغذ السير إلى السكسيوى ونزل بمخنقه وأحاط به واختط مدينة لمعسكره وتجهيز كتائبه بسفح جبله سماها القاهرة واستبد الحصار على السكسيوى وأرسل إلى الوزير في الرجوع إلى طاعته المعروفة وأن ينبذ العهد إلى أبي الفضل ففارقه وانتقل إلى جبال المصامدة ودخل الوزير فارس إلى أرض السوس فدوخ أقطارها ومهد الحال وسارت الولاية والجيوش في جهاته ورتب المسالح في ثغوره وأمصاره مثل وتارودانت وثقف أطرافه وسد فروجه وسار أبو الفضل في جبال المصامدة إلى أن انتهى إلى صناكة وألقى بنفسه على ابن حميدي منهم مما يلي بلاد درعة فأجاره وقام بأمره ونازله عامل درعة يومئذ عبد الله بن مسلم الزرد إلى من مشيخة دولة بنى عبد الواد كان اصطنعه السلطان أبو الحسن منذ تغلبه عليهم وفتحه لتلمسان سنة سبع وثلاثين فاستقر في دولتهم ومن جملة صنائعهم فأخذ بمخنق ابن حميدي وأرهبه بوصول العساكر والوزراء إليه وداخله في التقبض على أبي الفضل وان يبذل له في ذلك ما أحب من المال فأجاب ولاطف عبد الله بن مسلم الأمير أبا الفضل ووعده من نفسه الدخول في الامر وطلب لقاءه فركب إليه أبو الفضل ولما استمكن منه عبد الله ابن مسلم تقبض عليه ودفع لابن الحميدي ما اشتراط له من المال وأشخصه معتقلا إلى أخيه السلطان أبى عنان سنة خمس وخمسين فأودعه السجن وكتب بالفتح إلى القاصية ثم قتله لليال من اعتقاله خنقا بمحبسه وانقضى أمر الخوارج وتمهدت الدولة إلى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن انتقاض عيسى بن الحسين بجبل الفتح ومهلكه) * كان عيسى بن الحسين بن علي بن أبي الطلاق هذا من مشيخة بنى مرين وكان صاحب شوراهم لعهده وقد كنا قصصنا من أخبار أبيه الحسن عند ذكر دولة أبى الربيع وكان السلطان أبو الحسن قد عقد له على ثغور عمله بالأندلس وأنزله بجبل الفتح عند ما أكمل بناءه وجعل إليه النظر في مسالح الثغور وتفريق العطاء على مسالحها فطال عهد ولايته ورسخ فيها قدمه وكان السلطان أبو الحسن يبعث عنه في الشورى متى عنت وحضره عند سفره إلى إفريقية وأشار عليه بالاقتصار عنها وأراه ان قبائل بنى مرين لا تفي اعدادهم بمسالح الثغور إذ رتبت شرقا وغربا وعدوة البحر وان إفريقية تحتاج من ذلك إلى أوف الاعداد وأشد الشوكة لتغلب العرب عليها وبعد عهدهم بالانقياد
(٢٩٤)