وفاة أبى محمد بن اشقيلولة سما أمله إلى استيلائه على مالقة وان ابن أخته شيعة له وبعث لذلك وزيرة أبا سلطان عزيز الداني فوافى معسكر الأمير أبى زيان بساحتها ورجا أن يتجافى عنها السلطان فأعرض عن ذلك وتجهم له ودخل إليها لثلاث بقين من رمضان وانقلب الداني عنها بخفي حنين ولما قضى السلطان بالجزيرة صومه ونسكه خرج إلى مالقة فوافاها سادس شوال وبرز إليه أهلها في يوم مشهود واحتفلوا له احتفال أيام الزينة سرورا بمقدم السلطان ودخولهم في إيالته وأقام فيهم إلى خاتم سنته ثم عقد عليها لعمر بن يحيى بن محلى من صنائع دولتهم وأنزل معه المسالح وزيان بن أبي عياد بن عبد الحق في طائفة لنظره من ابطال بنى مرين واستوصاه بمحمد بن اشقيلولة وارتحل إلى الجزيرة ثم أجاز إلى المغرب سنة سبع وسبعين وقد اهتزت الدنيا لقدومه وامتلأت القلوب سرورا بما كيفه الله من نصر المسلمين بالعدوة وعلو راية السلطان على كل راية وعظمت لذلك موجدة ابن الأحمر ونشأت الفتنة كما نذكره ان شاء الله تعالى {الخبر عن تظاهر ابن الأحمر والطاغية على منع السلطان أبى يوسف من إجازة ابن الأحمر واصفاق يغمراسن بن زيان معهم من وراء البحر على الاخذ بحجزته عنهم وواقعة السلطان على يغمراسن بخرزوزة} لما أجاز أمير المسلمين إلى العدوة اجازته الأولى ولقى العدو باستجه وقتل الله ذننه بأيدي عسكره وصنع له من الظهور والعز مالا كفاء له ارتاب ابن الأحمر بمكانه فبدا له ما لم يكن يحتسب وظن بأمير المسلمين الظنون واعترض ذكره شأن يوسف بن تاشفين والمرابطين مع ابن عباد سلطان الأندلس وأكد ذلك عنده جنوح الرؤساء من بنى اشقيلولة وغيرهم إليه وانقيادهم لامره فشرق بمكانه وحذر غوائله وتكدر الجو بينهما وأجاز الإجازة الثانية فانقبض ابن الأحمر عن لقائه ودارت بينهما مخاطبات شعرية في معنى العتاب على السنة كتابهما نسردها الآن (فمن ذلك) قصيدة كتبها إليه ابن الأحمر سنة أربع وسبعين بعد واقعة ذننه واعتزامه على الرجوع إلى المغرب فخاطبه بها ليلة الإقامة بالجزيرة حذرا من غائلة العدو وينحو فيها منحى الاستعطاف وهي من نظم كاتبه أبى عمر بن المرابط هل من معيني في الهوى أو منجدي * من متهم في الأرض أو من منجد هذا الهوى داع فهل من مسعف * بإجابة وإنابة أو مسعد هذا سبيل الرشد قد وضحت فهل * بالعدوتين من امرئ مسترشد يرجو النجاة بجنة الفردوس أو * يخشى المصير إلى الجحيم الموقد يا آمل النصر العزيز على العدا * أجب الهدى تسعد به وتؤيد
(١٩٨)