السخيمة وتسكين الحفيظة وتمكين الألفة فصغى إلى وفاقه وسأل لقى الأمير أبى يعقوب ولى عهده من قبل ليطمئن عليه فوصل إليه ولقيه على فراسخ من شريش وباتا بمعسكر المسلمين هنالك ثم ارتحلا من الغد للقاء أمير المسلمين وقد أمر الناس بالاحتفال للقاء الطاغية وقومه واظهار شعار الاسلام وأهبته فاحتفلوا وتأهبوا وأظهروا عز الملة وشدة الشوكة ووفور الحامية ولقيه أمير المسلمين بأحسن مبرة وأتم كرامة يلقى بها مثله من عظماء الملل وقدم الطاغية بين يديه هدية أتحف بها أمير المسلمين وابنه من ظرف بلاده كان فيها زوج من الحيوان الوحشي المسمى بالفيل وحمارة من حمر الوحش إلى غير ذلك من الظرف فقبلها السلطان وابنه وقابلوه بكفائها ومضاعفتها وكمل عقد السلم وتقبل الطاغية سائر الشروط ورضى بعز الاسلام عنه وانقلب إلى قومه بملء ء صدره من الرضا والمسرة وسأل منه أمير المسلمين أن يبعث من كتب العلم التي بأيدي النصارى منذ استيلائهم على مدن الاسلام فاستكثر من أصنافها في ثلاثة عشر حملا بعث بها إليه فوقفها السلطان بالمدرسة التي أسسها بفاس لطلب العلم وقفل أمير المسلمين ؟؟ الجزيرة لليلتين بقيتا لرمضان فقضى صومه ونسكه وجعل من قيام ليله جزأ لمحاضرة أهل العلم وأعد الشعراء كلمات أنشدوها يوم الفطر بمشهد الملا في مجلس أمير المسلمين وكان من أسبقهم في ذلك الميدان شاعر الدولة عزوز المكناسي ذكر فيها سير أمير المسلمين وغزواته على نسق ثم أعمل أمير المسلمين نظره في الثغور فرتب بها المسالح وعقد عليها لابنه الأمير أبى زيان منديل وأنزله بركوان مقربة مالقة واستوصاه بأن لا يحدث في بلاد ابن الأحمر حدثا وعقد لعياد بن أبي عياض العاصمي على مسلمة أخرى وأنزله باطبونة وأجاز ابنه الأمير أبا يعقوب لتفقد أحوال المغرب ومباشرة أموره فأجاز في أسطول القائد محمد بن القاسم الرنداحي قائد سبتة وأوعز إليه بالبناء على قبر أبيه أبى الملوك عبد الحق ولقيه إدريس بتافرطست اختط هنالك رباطا وبنى على قبورهم أسنمة من الرخام ونقشها بالكتابة ورتب عليها قراء لتلاوة القرآن ووقف على ذلك ضياعا وفدنا وهلك خلال ذلك وزيره يحيى بن أبي منديل العسكري لمنتصف رمضان ثم اعتل بعد ذلك أمير المسلمين لشهر ذي الحجة واشتد وجعه وهلك لآخر محرم سنة خمس وثمانين وستمائة والله أعلم * (الخبر عن دولة السلطان وما كان فيها من الاحداث وشأن الخوارج لأول دولته) * لما اعتل أمير المسلمين أبو يوسف بالجزيرة مرضه نساؤه وطيرن الخبر إلى ولى العهد الأمير أبى يعقوب وهو بمكانه من المغرب فأغذ السير وقضى على أمير المسلمين قبل وصوله فأخذ له البيعة على الناس وزراء أبيه وعظماء قومه وأجاز إليهم البحر فجددوا بيعته غرة
(٢١٠)