انعقد ما بين السلطان أبى العباس والوزير أبى بكر وخرج إليه من البلد الجديد وخلع سلطانه الصبى المنصوب ودخل السلطان أبو العباس إلى دار الملك فاتح ست وسبعين وارتحل الأمير عبد الرحمن يغذ السير إلى مراكش وبدا للسلطان أبى العباس ووزيره محمد بن عثمان في شأنه فسرحوا العساكر في اتباعه وانتهوا خلفه إلى وادى بهت فواقفوه ساعة من نهار ثم أحجموا عنه وولوا على راياتهم وسار هو إلى مراكش ورجع عنه وزيره مسعود بن ماسى بعد أن طلب منه الإجازة إلى الأندلس يتودع بها فسرحه لذلك وسار إلى مراكش فملكها وأما أنا فكنت مقيما بفاس في ظل الدولة وعنايتها منذ قدمت على الوزير سنة أربع وسبعين كما مر عاكفا على قراءة العلم وتدريسه فلما جاء السلطان أبو العباس والأمير عبد الرحمن وعسكروا بكدية العرائس وخرج أهل الدولة إليهم من الفقهاء والكتاب والجند وأذن للناس جميعا في مباكرة أبواب السلطانين من غير نكير في ذلك فكنت أباكر هما معا وكان بيني وبين الوزير محمد بن عثمان ما مر ذكره قبل هذا فكان يظهر لي رعاية ذلك ويكثر من المواعيد وكان الأمير عبد الرحمن يميل إلى ويستدعيني أكثر أوقاته ويشاورني في أحواله فغص بذلك الوزير محمد بن عثمان وأغرى سلطانه فتقبض على وسمع الأمير عبد الرحمن بذلك وعلم انى انما أتيت من جرأه فحلف ليقوضن خيامه وبعث وزيره مسعود بن ماسى لذلك فأطلقني من الغد ثم كان افتراقهما لثالثة ودخل الأمير أبو العباس دار الملك وسار الأمير عبد الرحمن إلى مراكش وكنت أنا يومئذ مستوحشا فصحبت الأمير عبد الرحمن معتزما على الإجازة إلى الأندلس من ساحل آسفى معولا في ذلك على صحابة الوزير مسعود بن ماسى لهواي فيه فلما رجع مسعود ثنى عزمي في ذلك ولحقنا بوترمار بن عريف بمكانه من نواحي كرسيف لتقدمه وسيلة إلى السلطان أبى العباس صاحب فاس في الجواز إلى الأندلس ووافينا عنده داعى السلطان فصحبناه إلى فاس واستأذنه في شأني فأذن لي بعد مطاولة وعلى كره من الوزير محمد بن عثمان بن داود بن اعراب ورجال الدولة وكان الأخ يحيى لما رحل السلطان أبو حمو من تلمسان رجع عنه من بلاد زغبة إلى السلطان عبد العزيز فاستقر في خدمته وبعده في خدمة ابنه السعيد المنصوب مكانه ولما استولى السلطان أبو العباس على البلد الجديد استأذن الأخ في اللحاق بتلمسان فأذن له وقدم على السلطان أبى حمو فأعاده لكتابة سره كما كان أول أمره وأذن لي أنا بعده فانطلقت إلى الأندلس بقصد القرار والدعة إلى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى {الإجازة الثانية إلى الأندلس ثم إلى تلمسان واللحاق بأحياء العرب والمقامة عند أولاد عريف}
(٤٤٣)