وقد آسفه السلطان أبو حمو باجلابه على وطنه هو وابنه أبو تاشفين مع العرب أيام مغيبه بمراكش فأجمع الرحلة إلى تلمسان وخرج في عساكره وراجع يوسف بن علي الطاعة ورحل معه في جموعه وبلغ الخبر إلى السلطان أبى حمو فتردد بين الحصار بتلمسان أو مفارقتها وكان بينه وبين ابن الأحمر صاحب الأندلس مواصلة ولابن الأحمر دالة على السلطان أبى العباس كما؟؟ فكان يحفظ له الشأن في قصد تلمسان ويلبثه عنها فيعطيه المقادة في ذلك فيعلل هو السلطان أبا حمو بأن السلطان أبا العباس لا يصل إليه ثم أجمع السلطان أبو العباس أمره ونهض على حين غفلة معدا إلى تلمسان وتقدم الخبر إلى أبي حمو فأجمع مفارقة تلمسان بعد أن أظهر لأوليائه وأهل دولته أنه على الحصار ثم خرج حين عشية إلى معسكره بالصعيف وافتقده أهل بلده من صبيحتهم فتبادر أكثرهم إليه متعلقين بأذياله خوفا من معرة العدو ثم ارتحل يطوى المراحل إلى البطحاء ودخل السلطان أبو العباس تلمسان واستولى عليها وجهز العساكر لاتباع أبى حمو وقومه فأجفل من البطحاء ولحق بتاحجموت فاعتصم بمعلقها ولحق به ابنه المنتصر من مليانة بما كان معه من الذخيرة فاستمد بها وأقام هناك عازما على الامتناع والله تعالى أعلم {رجوع السلطان أبى العباس إلى المغرب واختلال دولته ورجوع السلطان أبى حمو إلى ملكه بتلمسان} كان السلطان أبو العباس لما استولى على مملكة تلمسان طير كتبه ورسله بفتحها إلى ابن الأحمر صاحب الأندلس ويعتذر إليه من مخالفة رأيه في الحركة إليها وقد كان ابن الأحمر آسفه ذلك إلى ما انتظم إليه من النزغات الملوكية التي يؤسف بها بعضهم بعضا وهو بطوى جوانحه عليها واطلع على فساد طاقة السلطان أبى العباس في أهل دولته وفقد ضمائرهم له فأزعج لوقته موسى ابن السلطان أبى عنان من أعياص ملكهم كان عنده بالأندلس وجهزه بما يحتاج إليه وبعث في خدمته مسعود بن رحو بن ما سالى وزيرهم المشهور وأركبه السفن إلى سبتة فنزلوا بساحتها أول ربيع سنة ست وثمانين واستولوا عليها ثم تقدموا إلى فاس فنازلوا دار الملك أياما وبها محمد بن حسن كاتب محمد ابن عنان القائم بدولة السلطان أبى العباس والمستبد عليه واشتدوا في حصارها وتوافت إليهم الامداد والحشود فداخله الخور وألقى بيده وداخل السلطان موسى إلى دار الملك تاسع عشر ربيع الأول من السنة وجلس على أريكته وآتاه الناس طاعتهم وطار الخبر إلى السلطان أبى العباس بتلمسان وقد تجهز لاتباع أبى حمو ونزل على مرحلة من تلمسان بعد أن أغراه وترمار بن عريف أمير سويد بتخريب قصور الملك بتلمسان
(١٤٢)