راغبين راهبين ووفد عليه للوزير أبو بكر بن غازي من قاصية الشرق ومعه مشيخة العرب من كل حي من أحيائهم فوصلهم واحتفى بقدومهم وركب للقاء الوزير وطلب المشيخة في الرهن على الطاعة والاستحثاث لتشريد أبى حمو من تيكورارين وأوسع حفايتهم وبرهم وانصرفوا إلى مشاتيهم معتملين في أسباب الحركة إلى تيكورارين إلى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى {الخبر عن قدوم ابن الخطيب على السلطان بتلمسان نازعا إليه عن سلطانه ابن الأحمر صاحب الأندلس} أصل هذا الرجل من لوشة على مرحلة من غرناطة في الشمال من البسيط الذي فيه ساحتها المسمى بالمرج على وادى سنجيل ويقال شنبيل المنحرف في ذلك البسيط من الجنوب إلى الشمال كان له بها سلف معروفون في وزارتها وانتقل أبو عبد الله إلى غرناطة واستخدم لملوك بنى الأحمر واستعمل على مخازن الطعام ونشأ ابنه محمد هذا بغرناطة وقرأ وتأدب على مشيختها واختص بصحبة الحكيم المشهور يحيى بن هذيل وأخذ عنه العلوم الفلسفية وبرز في الطب وانتحل الأدب وأخذ عن أشياخه وامتلأ حوض السلطان من نظمه ونثره مع انتقاء الجيد منه وبلغ في الشعر والترسيل حيث لا يجارى فيهما وامتدح السلطان أبا الحجاج من ملوك بنى الأحمر وملا الدولة بمدايحة وانتشرت في الآفاق قدماه فرقاه السلطان إلى خدمته وأثبته في ديوان الكتاب ببابه مرؤسا بابي الحسن بن الحباب شيخ العدوتين في النظم والنثر وسائر العلوم الأدبية وكاتب السلطان بغرناطة من لدن أيام محمد المخلوع من سلفه عندما قتل وزيره محمد بن الحكيم المستبد عليه كما مر في أخبارهم فاستبد ابن الحباب برياسة الكتاب من يومئذ إلى أن هلك في الطاعون الجارف سنة تسع وأربعين وسبعمائة فولى السلطان أبو الحجاج يومئذ محمد بن الخطيب هذا رياسة الكتاب ببابه وثناه بالوزارة ولقبه بها فاستقل بذلك وصدرت عنه غرائب من الترسيل في مكاتبات جيرانهم من ملوك العدوة ثم داخله السلطان في تولية العمال على يديه بالمشارطات فجمع له بها أموالا وبلغ به المخالصة إلى حيث لم يبلغ بأحد من قبله وسفر عنه إلى السلطان أبى عنان ملك بنى مرين بالعدوة مغريا بأبيه السلطان أبى الحسن فجلى في أغراض سفارته ثم هلك السلطان أبو الحجاج سنة خمس وخمسين عدا عليه بعض الزعانف يوم الفطر بالمسجد في سجوده للصلاة وطعنه فأثواه لوقته وتعاورت سيوف الموالى المعلوجي هذا القاتل فمزقوه أشلاء وبويع ابنه محمد بالأمر لوقته وقام بأمره مولاهم رضوان الراسخ القدم في قيادة عساكرهم وكفالة الأصاغر من ملوكهم واستبد بالدولة وأفرد ابن الخطيب بوزارته كما كان لأبيه واتخذ لكتابته غيره وجعل ابن
(٣٣٢)