ابن يغمراسن آخر سنة ثلاث فبلغه صنيع الموحدين في موالاة عدوه السلطان يوسف ابن يعقوب ومظاهرته بأساطيلهم عليه فأسفهم ذلك وأخرسوا منابرهم عما كانت تنطق به من الدعاء من عهد يغمراسن فلم يراجعوا دعوتهم من بعد وهلك السلطان على تفيئة ذلك والبقاء لله وحده {الخبر عن مراسلة ملوك المشرق الأقصى ومهاداتهم ووفادة أمراء الترك على السلطان وما تخلل ذلك} لما استولى السلطان على المغرب الأوسط بممالكه وأعماله وهنأته ملوك الأقطار واعراب الضواحي والقفار وصلحت السابلة ومشت الرفاق إلى الآفاق واستجد أهل المغرب عزما في قضاء فرضهم ورغبوا من السلطان اذنه لركب الحاج في السفر إلى مكة فقد كان عهدهم بمثلها لفساد السابلة واستهجان الدول فبينما السلطان في ذلك آمل إذ داخله لحرم الله وروضة نبيه صلى الله عليه وسلم شوق فأمر بانتساخ مصحف رائق الصنعة كتبه ونمقه أحمد بن الحسن الكاتب المحسن واستوسع في جرمه وعمل غشاءه من بديع الصنعة واستكثر فيه من معالق الذهب المنظم بخرزات الدر والياقوت وجعلت منها حصاة وسط المعلق تفوق الحصيات مقدارا وشكلا وحسنا واستكثر من الاصونة عليه ووقفه على الحرم الشريف وبعث به مع الحاج سنة ثلاث وعنى بشأن هذا الركب فسرح معهم حامية من زناتة تناهز خمسمائة من الابطال وقلد القضاء عليهم محمد بن رغبوش من أعلام أهل المغرب وخاطب الديار المصرية واستوصاه بحاج المغرب من أهل مملكته وأتحفه بهدية من طرف بلاده استكثر فيها من الخيل العراب والمطايا الفارهة يقال المطايا كانت منها أربعمائة حدثني بذلك من لقيته إلى ما يناسب ذلك من طرف المغرب وماعونه ونهج بها السبيل للحاج من أهل المغرب فأجمعوا الحج سنة أربع بعدها وعقد السلطان على دلالتهم لابي زيد الغفاري وفصلوا من تلمسان لشهر ربيع الأول وفى شهر ربيع الآخر بعده كان مقدم الحاج الأولين حملة المصحف ووفد معهم على السلطان الشريف لبيدة بن أبي نمى نازعا عن سلطان الترك لما كان تقبض على اخويه حميضة ورميثة اثر مهلك أبيهم أبى نمى صاحب مكة سنة احدى وسبعمائة فاستبلغ السلطان في تكريمه وسرحه إلى المغرب ليجول في أقطاره ويطوف على معالم الملك وقصوره وأوعز إلى العمال بتكريمه واتحافه على شاكلته ورجع إلى حضرة السلطان سنة خمس وفصل منها إلى المشرق وصحبه من أعلام المغرب أبو عبد الله مورى حاجا ولشعبان من سنة خمس وصل أبو زيد الغفاري دليل ركب الحاج الآخرين ومعه بيعة الشرفاء أهل مكة للسلطان لما أسفهم صاحب مصر بالتقبض على
(٢٢٦)