بالأمر فاستكتبه وحمله إلى المغرب ولم يسم به إلى العلامة لأنه آثر بها محمد بن أبي عمر بما كان أبوه يعلمه القرآن وربى محمد بداره فولاه العلامة والبرجي مرادف له في رياسته إلى أن انقرضوا جميعا وهلك السلطان أبو عنان واستولى أخوه أبو سالم على ملك المغرب وغلب ابن مرزوق على هواه كما قدمناه فنقل البرجي من الكتابة واستعمله في قضاء العساكر فلم يزل على القضاء إلى أن هلك سنة؟؟ وثمانين وأخبرني رحمه الله أن مولده سنة عشر * (ومنهم شيخنا المعمر الرحالة) * أبو عبد الله محمد بن عبد الرزاق شيخ وقته جلاله وتربية وعلما وخبرة بأهل بلده وعظمة فيهم نشأ بفاس وأخذ عن مشيختها وارتحل إلى تونس فلقى القاضي أبا إسحاق بن عبد الرفيع والقاضي أبا عبد الله النفزاوي وأهل طبقتهما وأخذ عنهم وتفقه عليهم ورجع إلى المغرب ولازم سنن الأكابر والمشايخ إلى أن ولاه السلطان أبو الحسن القضاء بمدينة فاس فأقام على ذلك إلى أن جاء السلطان أبو عنان من تلمسان بعد واقعة القيروان وخلعه فعز له بالفقيه أبى عبد الله المغربي وأقام عطلا في بيته ولما جمع السلطان مشيخة العلم للتحليق بمجلسه والإفادة منهم واستدعى شيخنا أبا عبد الله بن عبد الرزاق فكان يأخذ عنه الحديث ويقرأ عليه القرآن برواياته في مجلس خاص إلى أن هلك رحمه الله بين يدي مهلك السلطان أبى عنان إلى آخرين وآخرين من أهل المغرب والأندلس كلهم لقيت وذاكرت وأفدت منه وأجازني بالإجازة العامة * (حديث النكبة من السلطان أبى عنان) * كان اتصالي بالسلطان أبى عنان آخر سنة ست وخمسين وقر بنى وأدناني واستعملني في كتابته واختصني بمجلسه للمناظرة والتوقيع عنه فكثر المنافسون وارتفعت السعايات حتى قويت عنده بعد أن كان لا يغير عن صفائه ثم اعتل السلطان آخر سبع وخمسين وكان قد حصلت بيني وبين الأمير محمد صاحب بجاية من الموحدين مداخلة أحكمها ما كان لسلفي في دولتهم وغفلت عن التحفظ من مثل ذلك من غيرة السلطان فما هو الا أشغل بوجعه حتى نمى إليه بعض العداة أن صاحب بجاية معتمل في الفرار ليسترجع بلده وبها يومئذ وزيره الكبير عبد الله بن علي فانبعث السلطان لذلك وبادر بالقبض عليه وكان فيما نمى إليه أنى داخلته في ذلك فقبض على وامتحنني وحبسني ثم أطلق الأمير محمد أو ما زلت أنا في اعتقاله إلى أن هلك وخاطبته بين يدي مهلكه بقصيدة على أي حال لليالي أعاتب * وأي صروف للزمان أغالب كفى حزنا أنى على القرب نازح * وأنى على دعوى شهودي غائب وأنى على حكم الحوادث نازل * تسالمني طورا وطورا تحارب
(٤٠٣)