القتال ويراوحها ونزع عنه إلى الوزير الحسن بن عمر طائفة من بنى مرين ولحق آخرون ببلادهم وانتقضوا عليه وينتظرون مآل أمره ولبث على هذه الحال إلى غرة شعبان فكان من قدوم السلطان أبى سالم لملك سلفه بالمغرب واستيلائه عليه ما نذكره ان شاء الله تعالى {الخبر عن نزول المولى أبى سالم بجبال غمارة واستيلائه على ملك المغرب ومقتل منصور بن سليمان} كان السلطان أبو سالم بعد مهلك أبيه واستقراره بالأندلس وخروج أبى الفضل بالسوس لطلب الامر ثم ظفر السلطان أبى عنان به ومهلكه كما ذكرناه قد تودع وسكن ثم لما هلك سلطان الأندلس أبو الحجاج سنة خمس وخمسين يوم الفطر بمصلى العيد طعنه أسود مدسوس كان ينسب إلى أخيه محمد من بعض اماء قصرهم ونصبوا للامر ابنه محمدا وحجبه مولاه رضوان واستبد عليه وكان للسلطان أبى عنان اعتزاز كما ذكرناه وكان يؤمل ملك الأندلس وأوعز إليهم عندما طرقه طائف المرض سنة سبع وخمسين أن يبعثوا إليه طبيب دارهم إبراهيم بن زرور الذمي وامتنع من ذلك اليهودي واعتذر وردوه فتنكر لهم السلطان ولما وصل إلى فاس من فتح قسنطينة وإفريقية تقبض على وزيره والمشيخة وقتلهم تجنيا عليهم إذ لم يبادروا السلطان بنفسه أو حاجبه للتهنئة وأظلم الجو بينهم واعتزم على النهوض إليهم وكانوا منحاشين بالجملة إلى الطاغية بطرة بن أدفونش صاحب قشتالة منذ مهلك أبيه الهنشة على جبل الفتح سنة احدى وخمسين ثم استبد رضوان على الدولة بعد مهلك أبى الحجاج فكانت له ساعية إليه ظاهرها النظر للمسلمين بمسالمة عدوهم وكان السلطان أبو عنان يعتد ذلك عليهم وعلم أنه لابد أن يمدهم بأساطيله ويدافعوه عن الإجازة إليهم وكان بين الطاغية بطرة وبين قمص برشلونة فتنة هلك فيها أهل ملتهم فصرف السلطان قصده إلى قمص برشلونة وخاطبه في اتصال اليد على ابن ادفونش واجتمع أسطول المسلمين وأسطول النصارى القمص بالزقاق وضربوا لذلك الموعد وأتحفه السلطان بهدية سنية من متاع المغرب وماعونه ومركب ذهبي صنيع ومقرب من جياده فبلغت تلمسان وهلك قبل وصولها إلى محلها ولما هلك السلطان أبو عنان امل أخوه المولى أبو سالم ملك أخيه وطمع في مظاهرة أهل الأندلس له على ذلك لما كان بينهم وبين أخيه واستدعاه أشياع من أهل المغرب ووصل البعض منهم إليه بمكانه من غرناطة وطلب الاذن من رضوان في الإجازة فأبى عليه فأحفظه ذلك ونزع إلى ملك قشتالة متطارحا بنفسه عليه أن يجهز له الأسطول للإجازة إلى المغرب فاشترط عليه وتقبل شرطه وأجازه في أسطوله إلى مراكش فامتنع عامر من قبوله لما كان فيه من
(٣٠٤)