لقضاء أربه من الجهاد وارتحل مبادرا بالإجازة إلى الأندلس والله تعالى أعلم {الخبر عن إجازة السلطان أبى يوسف صريخا للطاغية لخروج ابنه شانجة عليه وافتراق كلمة النصرانية وما كان في هذه الأخبار من الغزوات} لما رجع السلطان من غزاة تلمسان إلى فاس وارتحل إلى مراكش وافاه بها وفد الطاغية من بطارقته وزعماء دولته وقواميس ملته صريخا على ابنه شانجة خرج عليه في طائفة من النصارى وغلبوه على أمره فانتصر أمير المسلمين ودعاه لحربهم وأمله لاسترجاع ملكه من أيديهم فأجاب أمير المسلمين داعيه رجاء للكرة بافتراقهم وارتحل حتى انتهى إلى قصر المجاز وأوعز إلى الناس بالنفير إلى الجهاد وأجاز إلى الخضراء فاحتل بها لربيع الثاني من سنة احدى وثمانين واجتمعت عليه مسالح الثغور بالأندلس وسار حتى نزل صخرة عباد فوافاه بها الطاغية ذليلا لعز الاسلام مؤملا صريخ السلطان فأكبر وفادته وأكرم موصله وعظم قدره وأمده لنفقاته بمائة ألف من مال المسلمين استرهن فيها التاج الذخيرة عند سلفه وبقي بدارهم فخرا للأعقاب لهذا العهد ودخل معه دار الحرب غازيا حتى ينازل قرطبة وبها شانجة بن الطاغية الخارج عليه مع طائفة فقاتلها أياما ثم أفرج عنها وتنقل في جهاتها ونواحيها وارتحل إلى طليطلة فعاث في جهاتها وخرب عمرانها حتى انتهى إلى حصن مجريط من أقصى الثغر فامتلأت أيدي المسلمين وضاق معسكرهم بالغنائم التي استاقوها وقفل إلى الجزيرة فاحتل بها لشعبان من سنته وكان عمر بن محلى نزع إلى طاعة السلطان فهم به ابن الأحمر ونبذ إليه عهده وارتجع المنكب من يده ونازله بعساكره فاتح هذه السنة فجهز السلطان إليه لوصوله الجزيرة أسطوله وأفرج ابن الأحمر فبادر إلى السلطان بطاعته ووصل بيعة شلوبانية فأبقاه فيها بدعوته ثم راجع طاعة ابن الأحمر في شوال من سنته فتقبل فيئته وأعاضه عنها بالمنكب إلى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى والله أعلم {الخبر عن شأن السلم مع ابن الأحمر وتجافى السلطان له عن مالقة ثم تجدد الغزو بعد ذلك} لما اتصلت يد السلطان بيد الطاغية خشى ابن الأحمر غائلته فجنح إلى موالاة شانجة الخارج عن أبيه ووصل يده بيده وأكد له العقد وأضرمت له الأندلس نارا وفتنة ولم تغن شانجة عن ابن الأحمر شيئا ورجع السلطان من غزاته مع الطاغية وقد ظهر على ابنه فأجمع على منازلة مالقة ونهض إليها من الجزيرة فاتح ثنتين وثمانين فتغلب على الحصون الغربية كلها ثم أسعف إلى مالقة فأناخ عليها بعساكره وضاق النطاق على ابن الأحمر وبدا له سوء المغبة في شأن مالقة ومداخلة ابن محلى في الغدر بها وأعمل نظره في الخلاص
(٢٠٥)