العسكر وبعثوا بأخبارهم إلى السلطان وانتظروا فلما بلغ الخبر إلى السلطان أمر حاجبه محمد بن أبي عمر بالنهوض إلى بجاية فعسكر بساحة تلمسان وانتقى له السلطان من قومه وجنوده خمسة آلاف فارس أزاح عللهم واستوفى أعطياتهم وسرحه فنهض من تلمسان بعد قضاء منسك الأضحى وأغذ السير إلى بجاية ولما نزل ببني حسن جمع له صنهاجة ثم خاموا عن اللقاء ولحقوا بقسنطينة وأجازوا منها إلى تونس واحتل الحاجب بمعسكرهم من تيكلات وخرج إليه المشيخة والوزراء فتقبض على القائد هلال وأشخصه إلى السلطان ودخل البلد على التعبية واحتل بقصبتها المحرم فاتح أربع وخمسين وسكن الناس وخلع على المشيخة واختص علي بن؟؟ ومحمد بن سيد الناس واستظهر بهم على أمره وتقبض على جماعة من الغوغاء وعلى من تحت أيديهم ممن يتهم بالمداخلة في الثورة يناهزون مائتين واعتقلهم وأركبهم السفن إلى المغرب فودع الناس وسكنوا وتوافت وفود الزواودة من كل جهة فأجزل صلاتهم واقتضى الطاعة منهم ووصل عامل الزاب يوسف وسد فروجه وارتحل إلى تلمسان أول جمادى لشهرين من مدخله وأغذ السير بمن معه من العرب والوفود وكنت يومئذ في جملتهم وقد خلع على وحملني وأجزل صلتي وضرب لي الفساطيط فوفدت في ركابه وقدم تلمسان لأول جمادى الأخيرة فجلس السلطان للوفد واعترض ما جنب له من الجياد والهدية وكان يوما مشهودا ثم أسنى السلطان جوائز الوفد واختص يوسف بن مزنى ويعقوب بن علي بمزيد من البر والصلة وخصوا بجاه من الكرامة وآمرهم في شأن إفريقية ومنازلة قسنطينة ورجع معهم الحاجب ابن أبي عمر على كره منه لما نذكره من أخباره وانصرفوا إلى مواطنهم لأول شعبان من سنة أربع وخمسين وانقلبت معه بعد اسناء الجائزة والخلع والحملان من السلطان والوعد الجميل بتجديد ما إلى قومه ببلده من الاقطاع والله أعلم {الخبر عن الحاجب ابن أبي عمرو وما عقد له السلطان على ثغر بجاية وعلى منازلة قسنطينة ونهوضه لذلك} سلف هذا الرجل من أهل المهدية من أجواد العرب من بنى تميم بإفريقية وانتقل جده على إلى تونس باستدعاء السلطان المستنصر وكان فقيها عارفا بالفتيا والاحكام وقلده القضاء بالحضرة واستعمله على كتب علامته في الرسائل والأوامر الكبرى والصغرى فاضطلع بذلك وهلك على حالة من التجلة والمنصب وقلد ابنه عبد الله من بعده العلامتين أيام أبى حفص عمر ابن الأمير أبى زكريا كما كان لأبيه فاضطلع لذلك وكان أخوه أحمد بن علي مستنا وقورا منتخلا للعلم ونشأ ابنه محمد وقرأ بتونس وتفقه على
(٢٩١)