فمنك أفدت خلا لست دهري * أراعي حبه أثنى عناني وهؤلاء الاعلام الذين ذكرهم الرحوي في شعره هم سباق الحلبة في مجلس السلطان أبى الحسن اصطفاهم لصحابته من أهل المغرب فأما ابنا الامام منهم فكانوا أخوين من أهل برشك من أعمال تلمسان واسم أكبرهم أبو زيد عبد الرحمن والأصغر أبو موسى عيسى وكان أبوهما اماما ببعض مساجد برشك واتهمه المتغلب يومئذ على البلد زيرم بن حماد بأن عنده وديعة من المال لبعض أعدائه فطالبه بها ولاذ بالامتناع وبيته زيرم لينتزع المال من يده فدافعه وقتل وارتحل ابناه هذان الاخوان إلى تونس في آخر المائة السابعة وأخذا العلم بها عن تلميذ ابن زيتون وتفقها على أصحاب أبي عبد الله بن شعيب الدكالي وانقلبا إلى المغرب بحظ وافر من العلم وأقاما بالجزائر يبثان العلم بها لامتناع برشك عليهما من أجل زيرم المتغلب عليها والسلطان أبو يعقوب يومئذ صاحب المغرب الأقصى من بنى مرين جاثم على تلمسان يحصرها الحصار الطويل المشهور وبث بها جيوشه في نواحيها وغلب على الكثير من أعمالها وأمصارها وملك عمل مغراوة بشلف وحصر مليانة بعث إليها الحسن بن أبي الطلاق من بنى عسكر وعلى ابن محمد بن الخير من بنى ورتاجين ومعهما لضبط الجباية واستخلاص الأموال الكاتب منديل بن محمد الكتاني فارتحل هذان الاخوان من الجزائر وأخذا عليه فحليا بعين منديل الكتاني فقربهما واصطفاهما واتخذهما لتعليم ولده محمد فلما هلك يوسف بن يعقوب سلطان المغرب بمكانه من حصار تلمسان سنة خمس وسبعمائة على يد خصى من خصيانه طعنه فأشواه وهلك وأقام بالملك بعده حافده أبو ثابت بعد أمور ذكرناها في أخباره ووقع بينه وبين صاحب تلمسان من بعده يومئذ أبى زيان محمد بن عثمان بن يغمراسن وأخيه أبى حموا العهد المتأكد على الافراج عن تلمسان وردا عمالها عليه فوفى لهم بذلك وعاد إلى المغرب وارتحل ابن أبي الطلاق من شلف والكتاني من مليانة راجعين إلى المغرب ومروا بتلمسان فأوصى لهما أبو حمو وأثنى عليهما حلة بمقامهما في العلم واغتبط بهما أبو حمو وبنى لهما المدرسة المعروفة بهما وأقاما عنده على مجرى أهل العلم وهلك أبو حمو وكانا كذلك مع ابنه أبى تاشفين إلى أن زحف السلطان أبو الحسن إلى تلمسان وملكها عنوة سنة سبع وثلاثين وكانت لهما شهرة في أقطار المغرب أسست لهما عقيدة صالحة فاستدعاهما لحين دخوله وأدنى مجلسهما وشاد بمكرمتهما ورفع جاههما على أهل طبقتهما وصار يجمل بهما مجلسه متى مر بتلمسان ووفدا عليه في الأولى التي نفر فيها أعيان بلادهما ثم استنفر هما إلى الغزو وحضرا معه واقعة طريف وعادا إلى بلدهما وتوفى أبو زيد منهما أثر ذلك وبقي أخوه موسى متبوئا ما شاء من ظلال
(٣٨٨)