وزحف إلى الشرق فأغار على أحياء رياح وهم بوادي الجنان حيث الثنية المفضية من بلاد حمزة إلى القبلة وصبح أحياءهم فاكتسح أموالهم ومضى في وجهه إلى بجاية فعرس بساحتها ثلاثا وبها يومئذ الحاجب يعقوب بن عمر فامتنعت عليه فظهر له وجه المعذرة لأوليائهم في استحصانها وقفل إلى تلمسان إلى أن كان من أمره ما نذكره ان شاء الله تعالى.
{الخبر عن حصار بجاية والفتنة الطويلة مع الموحدين التي كان فيها حتفه وذهاب سلطانه وانقراض الامر عن قومه برهة من الدهر} لما رجع السلطان أبو تاشفين من حصار بجاية سنة تسع وعشرين اعتمل في ترديد البعوث إلى قاصية الشرق والالحاح بالغزو إلى بلاد الموحدين فأغزاها جيوشه سنة عشرين فدوخوا ضواحي بجاية وقفلوا ثم غزاهم ثانية سنة احدى وعشرين وعليهم موسى بن علي الكردي فانتهى إلى قسنطينة وحاصرها فامتنعت عليه فأفرج عنها وابتنى حصن بكر لأول مضيق الوادي وادى بجاية وأنزل به العساكر لنظر يحيى بن موسى قائد شلب وقفل إلى تلمسان ثم نهض موسى بن علي ثالثة سنة ثنتين وعشرين فدوخ نواحي بجاية ونازلها أياما وامتنعت عليه فأفرج عنها ووفد سنة ثلاث وعشرين على السلطان حمزة بن عمر بن أبي أليل كبير البدو بإفريقية صريخا على صاحب إفريقية مولانا السلطان أبى يحيى فبعث معهم العساكر من زناتة وعامتهم من بنى توجين وبنى راشد وأمر عليهم القواد وجعلهم لنظر قائده موسى بن علي الكردي ففصلوا إلى إفريقية وخرج السلطان للقائهم فانهزموا بنواحي مرماجنة وتخطفتهم الأيدي فاستلحموا وقتل مسامح مولاه ورجع موسى بن علي فاتهمه السلطان بالادهان وكان من نكبته ما نذكره في أخباره وسرح العساكر سنة أربع وعشرين فدوخت نواحي بجاية ولقيهم ابن سيد الناس فهزموهم ونجا إلى البلد ووفد على السلطان سنة خمس وعشرين مشيخة سليم حمزة بن عمر بن أبي اليل وطالب بن مهلهل العجلان المتزاحمان في رياسة الكعوب ومحمد بن مسكين من بنى القوس كبراء حكيم فاستحثوه للحركة واستصرخوه على إفريقية وبعث معهم العساكر لنظر قائده موسى بن علي ونصب لهم إبراهيم بن أبي بكر الشهيد من أعياص الحفصيين وخرج مولانا السلطان أبو يحيى من تونس للقائهم وخشيهم على قسنطينة فسابقهم إليها فأقام موسى بن علي بعساكره على قسنطينة وتقدم إبراهيم بن أبي بكر الشهيد في أحياء سليم إلى تونس فملكها كما ذكرناه في أخبارهم وامتنعت قسنطينة على موسى بن علي فأقلع منها لخمس عشرة ليلة من حصارها وعاد إلى تلمسان ثم أغزاه السلطان سنة ست وعشرين