وبعثوا بالصريخ إلى السلطان فسير لحرب عدوه وعدوهم ابنه أبا تاشفين ولى عهده في قومه وبرز لذلك في العساكر والجنود ولما انتهى إلى بلاد هوارة واضطرب عسكره بها أعجله صريخ أوليائه عن مناخ الركاب فاستعجل الراحة ولحق بأوليائه أولاد عريف ومن معهم من أشياع الدولة من زغبة وأغذوا السير إلى واد هناك شرقي القلعة فتلاقى الجمعان وتواقفوا اللقاء سائر يومهم واستضاؤا باضرام النيران مخافة البيات وأصبحوا على التعبية وتمشت الرجالات في مواضعة الحرب فأعجبهم مناشبة القوم وتزاحفت الصفوف وأعلم الكماة وكشفت الحرب عن ساقها وحمى الوطيس وهبت الريح المبشرة فخفقت لها رايات الأمير وهدرت طبوله ودارت رحى الحرب وصمدت إليها كتائب العرب فبرئ فيها الابطال منهم وانكشفوا وأجلت المعركة عن عبد الله بن صغير صريعا فأمر أبو تاشفين فاحتز رأسه وطير به البريد إلى أبيه ثم عثرت المراكب بأخيه ملوك بن صغير مع العباس ابن عمه موسى بن عامر ومحمد بن زيان من وجوه عشيرتهم متواقعين بجنودهم متضاجعين في مراقدهم كأنما أقعدوا للردى فوطأتهم سنابك الخيل وغشيهم قتام المراكب وأطلقت العساكر أعنتها في اتباع القوم فاستاقوا نعمهم وأموالهم وكثرت يومئذ الأنفال وغشيهم الليل فتستروا بجناحه ولحقهم فلهم بجبل راشد وأطرب أبو تاشفين أباه بمشتهى ظهوره وأملاه السرور بما صنع الله على يده وما كان له ولقومه من الأثر في مظاهرة أوليائه وطار له بها ذكر على الأيام ورجع إلى أبيه بالحضرة مملوء الحقائب بالأنفال والجوانح بالسرور والأيام بالذكر عنه وعن قومه ومضى خالد لوجهه في فل من قومه ولحق بجبل راشد إلى أن كان من أمره ما نذكره ان شاء الله والله تعالى أعلم {الخبر عن انتقاض سالم بن إبراهيم ومظاهرته خالد بن عامر على الخلاف وبيعتهما للأمير أبى زيان ثم مهلك خالد ومراجعة سالم الطاعة وخروج أبى زيان إلى بلاد الجريد} كان سالم بن إبراهيم هذا كبير الثعالبة المتغلبين على حصن متيجة منذ انقراض مليكش وكانت الرياسة فيهم لأهل بيته حسبما ذكرناه في أخبارهم عند ذكر المعقل ولما كانت فتنة أبى زيان بعد نكبة أبى حمو على بجاية وهبت ريح العرب واستغلظ أمرهم وكان سالم هذا أول من غمس يده في تلك الفتنة ومكر بعلى بن غالب من بيوتات الجزائر كان مغربا عنها منذ تغلب بنى مرين على المغرب الأوسط أيام بنى عثمان ولحق بها عندما أظلم الجو بالفتنة واستحكمت نفرة أهل الجزائر عن أبي حموا فأظهر بها الاستبداد واجتمع بها اليه الأوشاب؟؟ والطغام سالم من الضاحية
(١٣٧)