اغتيالهم في طريقهم فظن أنه يرضى بذلك أباه واعترضهم بوادي القطف من ملوية سنة خمس وتسعين فاستلحمهم وانتهى الخبر إلى السلطان فقام في ركائبه وقعد وتبرأ إلى ابنه من اخفار ذمته ومن صنيع ابنه وسخطه وأقصاه فذهب مغاضبا ولحق ببلاد الريف ثم صاعد إلى جبل غمارة فلم يزل طريدا بينهم ونازلته عساكر أبيه لنظر ميمون بن وردار الجشمي ثم لنظر يرزيكن بن الولاة تاميمونت وأوقع بهم مرارا آخرها بيرزيكن سنة سبع وتسعين وذكر الربيحى مؤرخ دولتهم أن خروجه بجبل غمارة كان سنة أربع وتسعين وقتله لأولاد الأمير أبى يحيى كان سنة خمس وتسعين بعدها أغزاهم من مثوى انتزائه وقتلهم كما ذكرناه والله أعلم ولم يزل هذا دأبه إلى أن هلك ببني سعيد من جبال غمارة سنة ثمان وتسعين ونقل شلوه إلى فاس فووري بباب الفتوح ملحد قومهم هنالك وأعقب ولدين نقلهما السلطان جدهما فكانا الخليفتين من بعده ملى ما نذكره ان شاء الله تعالى والله أعلم * (الخبر عن حصار تلمسان الكبير وما تخلل ذلك من الاحداث) * كان عثمان بن يغمراسن بعد افراج السلطان سنة تسع وثمانين وانتقاض الطاغية وابن الأحمر عليه كما قلناه صرف إلى ولايتهما وجه تدبيره وأوفد على الطاغية ابن بربدى من صنائع دولته سنة ثنتين وتسعين ووجهه الطاغية مع الريك ريكس رسول من كبار قومه ثم عاد إليه الحاج مسعود من حاشيته ووصل يده بيده يظن ذلك دافعا عنه واعتدها السلطان عليه وطوى له على الغث حتى إذا فرغ من شأن الأندلس وهلك الطاغية شانجة سنة ثلاث وتسعين لاحدى عشرة من سنى ملكه وارتحل السلطان إلى طنجة لمشارفة أحوال الأندلس سنة أربع وتسعين فأجاز إليه السلطان ابن الأحمر ولقيه بطنجة وأحكم معه المواخاة ولما استيقن سكون أحوالها نزل لابن الأحمر عن جميع الثغور التي بها الطاغية وأجمع غزو تلمسان ولحق به بين يدي ذلك ثابت بن منديل المغراوي صريخا على ابن يغمراسن ومستجيشا بقومه فتقبله وأجاره وكان أصاب الناس أعوام ثنتين وتسعين قحط ونالتهم سنة وهنوا لها ثم إن الله رحم خلقه وأدر نعمته وأعاد الناس إلى ما عهدوه من سبوغ نعمهم وخصب عيشهم ووفد عليه سنة أربع وتسعين ثابت بن منديل أمير مغراوة مستصرخا به من عثمان بن يغمراسن فبعث من كبار قومه موسى بن أبي حمو إلى تلمسان شفيعا في ثابت بن منديل فرده عثمان أقبح رد وأساء في اجابته فعاود الرسالة إليهم في شأنه فلم يزدهم الا اصرارا فاعتزم على غزو بلادهم واستعد لذلك ونهض سنة أربع وتسعين حتى انتهى إلى بلاد تاوريرت وكانت تخما لعمل بنى مرين وبنى عبد الواد في جانبها عامل السلطان أبى يعقوب وفى جانبها
(٢١٩)